ظاهر الإنسان والظاهر الحق عين باطن الإنسان فهو كالمرآة المعهودة إذا رفعت يمينك عند النظر فيها إلى صورتك رفعت صورتك يسارها فيمينك شمالها وشمالك يمينها فظاهرك أيها المخلوق على صورة اسمه الباطن وباطنك اسم الظاهر له ولهذا ينكر في التجلي يوم القيامة ويعرف ويوصف بالتحول في ذلك فأنت مقلوبة فأنت قلبه وهو قلبك هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ما أحق هذه الآية في الباطن بهذا المقام فكما يلبسنا نلبسه * فبنا كان كما نحن به فانتفى ما هو موجود بنا * وبه أكرم به من مشبه وأكثر من هذا البسط في العبارة ما يكون فإن هذا الميدان يضيق الجولان فيه جدا والله ولي الإعانة إذ هو المعين والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الموفي خمسمائة في معرفة حال قطب كان منزله ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم أي نرده إلى أصله وهو البعد يقال بئر جهنام إذا كانت بعيدة القعر) من يقل إني إله * فكلام ليس يصدق * أو يقل إني خلق * لحقيقة التخلق فهما سيان فيه * هكذا يعطي التحقق * والذي ليس له * ذان له حال التعلق فله الجمع المسمى * مثل ما له التفرق قال الله عز وجل إن جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا إن ربك لبالمرصاد فحقق وانظر تعثر والله الموفق فحصلوا في نقيض دعواهم فإن الطاغي المرتفع طغى الماء إذا ارتفع يقول الله تعالى إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية فمن قال إني إله فقد جعل نفسه في غاية القرب فأخبر الله أن جزاء هذا القائل يكون غاية البعد عن سعادته إذ كان جزاؤه جهنم فينزل إلى قعرها من طغى إلى الألوهة التي لها الاستواء على العرش بالاسم الرحمن واعلم أنه ما في علمي إن أحدا يقع منه هذا القول وهو يجوع ويمرض ويغوط وأمثال هذا إلا فرعون لما استخف قومه قال يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري ثم جعل ذلك ظنا بعد شك أو إثباتا في قوله لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا وأما القائلون بأن الله هو المسيح بن مريم فما هم في حكم هذا الذكر لأمرين الأمر الواحد إنهم فرقوا بين الناسوت واللاهوت والقائل بهذا الذكر لا يفرق والأمر الثاني إنما يدل هذا الذكر على من قال عن نفسه ذلك لا من قيل عنه والذي ينتج هذا الذكر لصاحبه أحد أمرين أو كلاهما الأمر الواحد أحدية هذا القائل في الألوهة فيكون العالم كله عند صاحب هذا الذكر عين الحق فله أحدية الكثرة كما لغيره أحدية كثرة الأسماء الإلهية وتكون الكثرة في النسب والأحكام لا في العين والعالم كله عنده عرض عرض لهذه العين من أعيان الممكنات الثابتة التي لا يصح لها وجود والأمر الآخر أن يكون قوله من دونه نزولا عن المرتبة التي لله وهذا مثل قولهم ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى فهو وإن كان أنزل منه في الرتبة فهو عنده إنه إله فيكون هذا القائل إذا كان صاحب هذا الذكر يرى أن تجلى الحق في الصور أنزل منه لو تجلى في كونه غنيا عن العالمين فلو صح هناك تجل لكان أكمل من تجليه في الصور فتعقل رتبة غناه عن العالم بنفسه وقد يكون هذا لمن يراه عين العالم فعلامته هويته فهو الدليل له عليه كقوله أعوذ بك منك واستعاذ به منه إذ لا مقابل له غير ذاته فهو المعز المذل ثم هنا تنبيه إلهي حيث قرن هذا الحال بالقول لا بالعلم والحسبان فإن قال ما نظن أنه قد علم إن الأمر كذا فتخيل إن قوله مطابق لعلمه وهذا يستحيل وقوعه من أحد علما لعلمه بذلته وافتقاره وقصوره في نفسه فإذا قال مثل هذا وهو يعلم قصوره فيقولها بوجه لا يقع عليه فيه مؤاخذة ويكون جزاؤه على هذا القول جهنم أي بعده في نفسه عما يقول به على لسانه وهو خير جزاء لأنه علم ويكون كذلك نجزي الظالمين جزاء الظالم الذي ورث الكتاب من المصطفين فإن الله أطلق على بعض الورثة اسم الظالم مع كونه من أهل الحق فيتخصص الظالم هنا كما تخصص في قوله ولم يلبسوا إيمانهم بظلم وهو ظلم خاص مع كونه نكرة فهو نكرة عند السامع لا عند المتكلم به ولهذا فسره رسول الله ص بأنه الشرك خاصة فمثل هذا الهجير يكون موجها فيما ينتج
(١٣٦)