من صعود والطيب من الكلم إذا ظهرت صورته وتشكلت فإن كانت الكلمة الطيبة تقتضي عملا وعمل صاحبها ذلك العمل أنشأ الله من عمله براقا أي مركوبا لهذه الكلمة فيصعد به هذا العمل إلى الله صعود رفعة يتميز بها عن الكلم الخبيث كل ذلك يشهده أهل الله عيانا أو إيمانا فالخلق في كل نفس في تكوين فهم كل يوم في شأن لأنهم في نفس وهو هيولى صور التكوين فالحق في وجود الأنفاس شؤونه والتصوير لما هو العبد عليه من الحال في وقت تنفسه فيعطيه الحق النفس الداخل هيولائي الذات فإذا استقر في القلب وأعطى أمانته من التبريد الذي جاء له تشكل وانفتحت في ذات ذلك النفس صورة ما في القلب من الخواطر فيزعجه السحر بعد فتح الصورة فيه على مدرجته خروج انزعاج لدخول غيره لأن السحر وهو الرئة له حفظ هذه النشأة فهو كالروبان بل هو كالحاجب الذي بيده الباب فإذا خرج فلا يخلو إما أن يتلفظ صاحب ذلك النفس بكلام أو لا يتلفظ فإن تلفظ تشكل ذلك الهواء بصورة ما تلفظ به من الحروف فيزيد في صورة ما اكتسبه من القلب وإن لم يتلفظ خرج بالصورة التي قبلها في القلب من الخاطر هكذا الأمر دائما دنيا وآخرة ففي الدنيا يتصور في خبيث وطيب وفي الآخرة لا يتصور إلا طيبا لأن حضرة الآخرة تقتضي له الطيب فلا يزال يوجد طيبا بعد طيب حتى يكثر الطيبون فيغلبون على الخبيثين الذين أوردوا صاحبهم الشقاء فإذا كثروا عليهم غلبوهم فأزالوا حكمهم فيه فهو المعبر عنه بما لهم إلى الرحمة في جهنم وإن كانوا من أهلها فمن حيث إنهم عمار لا غير فإن رحمة الله سبقت غضبه والحكم لله وما سوى الله فمجعول وآله العقائد مجعول فما عبد الله قط من حيث ما هو عليه وإنما عبد من حيث ما هو مجعول في نفس العابد فتفطن لهذا السر فإنه لطيف جدا به أقام الله عذر عباده في حق من قال فيهم وما قدروا الله حق قدره فاشترك الكل المنزه وغير المنزه في الجعل فكل صاحب عقد في الله فهو صاحب جعل فمن هنا تعرف من عبد ومن عبد والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (حضرة الإعزاز) إن المعز الذي أعز جانبه * كما أعز الذي في الله صاحبه إذا أتى مستجير نحو حضرته * في الحين أكرمه في الوقت عاتبه يدعى صاحبها عبد المعز وهذه الحضرة تجعل العبد منيع الحمى وتعطيه الغلبة والقهر على من ناواه في مقامه بالدعوى الكاذبة التي لا صورة لها في الحق وهو الذي يعتز بإعزاز المخلوق فهو كالقياس في الأحكام المشروعة يضعف الحكم فيه عن حكم المنصوص عليه ولهذا أثبتته طائفة ونفته أخرى أعني القياس في الأحكام المشروعة وإنما جعله من جعله أصلا في الحكم لما قال الله تعالى ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين فما تفطنوا لذكر الله العزة لهؤلاء الموصوفين بالرسالة المضافة إليه تعالى والايمان فما قال الناس فهؤلاء المذكورون لهم الإعزاز الإلهي وقد قلنا به والذين أثبتوا القياس نظروا إلى أن الله ما أعز دينه إلا بهؤلاء فما عزوا إلا بالدين ولا أعز الله الدين إلا بهم فقد حصل للدين إعزاز بإعزاز مخلوق وهو الرسول والمؤمنون الذين لهم العزة بإعزاز الله فثبت للفرع ما ثبت للأصل فثبت القياس في الحكم فمن هذه الحضرة كان القياس أصلا رابعا ولما كان مثبوتا بالكتاب والسنة فبقيت الأصول في الأصل ثلاثة فصح التربيع في الأصول بوجه والتثليث بوجه كالمقدمتين اللتين ركبت كل مقدمة منهما من مفردين وهذه المفردات ثلاثة في التحقيق فصح التربيع والتثليث على الوجه الخاص وشرطه فكان الانتاج وليس إلا طهور الحكم وثبوته في العين فهذا أعطاه الاجتهاد ولو كان خطأ فإن الله قد أقر حكمه على لسان رسوله وما كلف الله نفسه إلا ما آتاها وما آتاها إلا إثبات القياس أعني في بعض النفوس والإعزاز من السلطان لحاشيته مقيس على إعزاز الله من أعزه من عباده وأما صورة الاعتزاز بالله فهو إن يظهر العبد بصورة الحق بأي وجه كان مما يعطي سعادة أو شقاوة لأن العزة إنما هي لله ففي أي صورة ظهرت كان لها المنع فظهورها في الشقي مثل قوله ذق إنك أنت العزيز الكريم أي المنيع الحمى في وقتك
(٢٢٩)