القدرة فهي مقتدرة أي متعملة في الاقتدار وليس إلا الحق تعالى فهو المقتدر على كل ما يوجده عند سبب أو بسبب كيف شئت قل وهو قوله ألا له الخلق وما لا يوجده بسبب هو قوله والأمر ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ولهذا اصطلح أهل الله على ما قالوه من عالم الخلق والأمر يريدون بعالم الخلق ما أوجده الله على أيدي الأسباب وهو قوله مما عملت أيدينا وليست سوى أيدي الأسباب فهذه إضافة تشريف لا بل تحقيق وعالم الأمر ما لم يوجد عند سبب فالله القادر من حيث الأمر ومقتدر من حيث الخلق فهذا تفصيله يقال ضرب الأمير اللص وقطع الأمير يد السارق وإنما وقع القطع من يد بعض الوزعة والأمر بالقطع من الأمير فنسب القطع إلى الأمير فهذا هو المقتدر فإذا باشره بالضرب فهو القادر إذا لم تكن ثم آلة تقطع يده بها من حديدة أو غيرها فالله يخلق بالآلة فهو مقتدر ويخلق بغير الآلة فهو قادر فالقدرة أخفى من الاقتدار على إن الاقتدار حالة القادر مثل التسمية حالة المسمى اسم فاعل فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (المقدم حضرة التقديم) أنا المقدم عن علم ومعرفة * بمن أقدمه والله يغفر لي لو أن ما ملكت كفي يكون لها * ملكا لما انبسطت يداي في الدول عبد المقدم ادعوه ويعرفني * إذا دعوت به وليس يظهر لي ولست أفقده إذا يسارقني * بطرفه وهو لي من أعظم الحيل الله سخره فيما أصرفه * ولست أصرفه عن رؤية الجبل يدعى صاحبها عبد المقدم من هذه الحضرة يثبت بالدليل ثبوت المرجح وهو الله وذلك أن الممكنات بالنسبة إلى الإيجاد أو نسبة الإيجاد إليها على السواء على كل واحد واحد منها فإذا تقدم أحد الممكنات على غيره بالوجود مع التسوية في النسبة دل أنه مرجح لأمر ما ليس لنفسه فعلمنا أنه لا بد من مرجح وهو المقدم له على غيره من الممكنات وهذا أشد في الدلالة من دلالة الأشعري بالزمان على هذا المطلوب فإنه يقول ما من ممكن يوجد في زمان إلا ويجوز إيجاده قبل ذلك الزمان أو بعده فما تكلم إلا فيما يدخل تحت حكم الزمان والزمان عنده أيضا موجود ولا يوجد في زمان فيخرج الزمان عن حكم هذه الدلالة والذي ذهبنا إليه يدخل في حكمه كل ممكن من زمان وغير زمان مما له وجود فهو أتم في الدلالة ثم إن الله تعالى بعد إبراز ما أبرزه من العالم عين للعالم مراتب وتلك المراتب نسبة كل من يقتضي حقيقته البروز بها والإنزال فيها نسبة واحدة فإذا نالها شخص واحد من الأشخاص أشخاص هذا النوع وتقدم إليها وبها فإن الذي قدمه هو المقدم كالخلافة في النوع الإنساني ما من إنسان إلا وهو قابل لها فيقدم الحق من شاء فيها دون غيره فيتأخر الغير عنها في ذلك الزمان بلا شك وكذلك في النبوة والرسالة والإمارة وجميع المراتب على هذا الحد تجري والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (المؤخر حضرة التأخر) أنت المؤخر من تشاء لحكمة * مجهولة عندي لذاك تؤخره لو كان أهلا للتقدم لم تكن * تبديه وقتا ثم وقتا تستره الله يعلم أنني من غيرة * قامت بنا لا أستطيع فاذكره لو كان للكون الغريب مزية * عندي لقمت بشكره لا أكفره لكنه أخفاه عن أبصارنا * نور له من قام فيه يبهره يدعى صاحبها عبد المؤخر فإذا راعى الحق تأخر عبد ما عن بعض المراتب فمن هذه الحضرة فيتقدم غيره فيها ولا يتقدم فيها هذا المؤخر عنها البتة ثم إن هذا المقصود بالتأخر إذا تعين أنه لا حكم له في التقدم فيها بقي من بقي فيقدم الحق فيها من شاء من الباقين فيكون بتقديمه إياه فيها مقدما ويتأخر من تأخر من الباقين بالتضمين لا بحكم القصد فلا يكون
(٢٩٧)