وهو يهدي السبيل (الباب الثامن والأربعون وأربعمائة في معرفة منازلة من كشفت له شيئا مما عندي بهت فكيف يطلب أن يراني هيهات) إذا كان ما عنده حاكم * علي فكيف بنا إذ نراه * فليس يراه سوى عينه * وهل ثم عين تراه سواه يغالطنا بوجود السوي * وعين السوي هو عين الإله * فإمكاننا لم يزل قائما * وجودا وفقدا بنا في حماه فلسنا سواه ولا نحن هو * فعين ضلالتنا من هداه قال الله عز وجل فبهت الذي كفر ولهذا كفر وما كان إلا الشروق والغروب وهو الوجدان والفقد هذه شمس حق شرقت من المشرق ولولا شروقها ما كان مشرقا ذلك الجناب فأت بها من المغرب وهذا في الحقيقة لو أتى بها أي لو شرقت من المغرب لكان مشرقا فما شرقت إلا من المشرق فبهت الكافر وهو موضع البهت لأنه علم أنه حيث كان الشروق لها اتبعه اسم المشرق فليس للمغرب سبيل في نفس الأمر فما بهت الكافر إلا من عجزه كيف يوصل إلى أفهام الحاضرين مع قصورهم موضع العلم فيما جاء به إبراهيم الخليل ع فأظلم عليه الأمر وتخبط في نفسه فظهرت حجة إبراهيم الخليل ع عليه إمام الحاضرين وإنما نسب الكفر إليه بالمسألة الأولى فإنه علم ما أراده الخليل بقوله ربي الذي يحيي ويميت فستره فسمي كافرا فقال أنا أحيي وأميت ويقال فيمن أبقى حياة الشخص عليه إذا استحق قتله أن يقال أحياه ولم يكن مراد الخليل إلا ما فهمه نمروذ فعدل إبراهيم إلى ما هو أخفى في نفس الأمر وأبعد وهو أوضح عند الحاضرين فجاء بالمسألة الثانية فبهت الذي كفر في أمر إبراهيم كيف عدل إلى ما هو أخفى في نفس الأمر وأبعد لإقامة الحجة وقامت له الحجة عليه عند قومه فكان بهته في هذا الأمر المعجز الذي أعمى بصائر الحاضرين عن معرفة عدوله من الأوضح إلى الأخفى فحصل من تعجبه وبهته في نفوس الحاضرين عجزه وهو كان المراد ولم يقدر نمروذ على إزالة ما حصل في قلوب العارفين الحاضرين من ذلك فعلم صدقه ولكن الله ما هداه أي ما وفقه للإيمان لقوله ص فإنه عالم بأنه على الحق ولا يصح بهت إلا في تجلى ما عند الحق وما عند الحق إلا ما أنت عليه فإنه ما يظهر إليك إلا بك فتقربه فيك وتنكر ما أنت به مقر فيه وذلك لجهلك بك وبربك لأنك لو عرفت نفسك عرفت ربك فما ثم إلا خلق وهو ما تراه وتشهده ولو فتشت على دقائق تغيراتك في كل نفس لعلمت أن الحق عين حالك وأنه من حيث هو وراء ذلك كله كما هو عين ذلك كله فالحق خلق وما الخلق حق وإن اختلفت عليه الأسماء أليس مما عند الله دك جبل موسى فصعق وهو أعظم من البهت وما أصعقه إلا ما عنده وهو ممن طلب أن يرى ربه فلما علم موسى ع عند ذلك ما لم يكن يعلم من صورة الحق مع العالم قال تبت إليك أي لا أطلب رؤيتك على الوجه الذي كنت طلبتها به أو لا فإني قد عرفت ما لم أكن أعلمه منك وأنا أول المؤمنين بقولك لن تراني فإنك ما قلت ذلك إلا لي وهو خبر فلذلك ألحقه بالإيمان لا بالعلم ولولا ما أراد الايمان بقوله لن تراني ما صحت الأولية فإن المؤمنين كانوا قبله ولكن بهذه الكلمة لم يكن فكل من آمن بعد البهت أو الصعق فقد آمن على بصيرة فهو صاحب علم في إيمان وهذا عزيز الوجود في عباد الله وقليل في أهل الله من يبقى معه الايمان مع العلم فإنه لما انتقل إلى الأوضح وهو العلم فقد انتقل عن إيمانه والكامل هو المؤمن في حال علمه بما هو به مؤمن لا بما كان به مؤمنا فيقال فيه مؤمن عالم بعين واحدة والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب التاسع والأربعون وأربعمائة في معرفة منازلة قول من قال عن الله ليس عبدي من تعبد عبدي) العبد من لا عبد له * سبحانه ما أكمله * قد جمع الله له * كل وجود أمله مشتبها ومحكما * مجملة مفصله * سواه إذ عدله * وبعد هذا فصله بكل عين أشهده * بكل علم فضله * فإنما أنابه * في كل أحوالي وله حزنا الكمال كله * أنا وهو والكل له قال عز وجل لمحمد قل إن الأمر كله لله فقلنا الأمر كله لله ألا له الخلق والأمر فهو الخلق والأمر اعلم أنه لا يملك المملوك
(٦٣)