حتى تحقق بالأدب الإلهي فقال إن الله أدبني فأحسن أدبي فإن الله له نسبة إلى الأغنياء كما له نسبة إلى الفقراء فالعارف ينبغي له أن لا يفوته من الحق شئ في كل شئ فما أحسن تعليم الله عباده فنحن إذا فتح الله أعين بصائرنا وأفهامنا علمنا أن تعليم الله نبيه ص الآداب مع المراتب إنا أيضا مرادون بذلك التعليم وننظره في النبي ص كالمثل السائر إياك أعني فاسمعي يا جارة وإن كان هو ص المقصود لله بالأدب فنحن أيضا المقصودون لله بالتأسي به والاقتداء لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة فكل خطاب خاطب به نبيه ص مؤدبا له فلنا في ذلك الخطاب اشتراك لا بد من ذلك فانظر يا ولي في هذا الذكر ماذا نتج من الخير الكثير والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الثامن والعشرون وخمسمائة في معرفة حال قطب كان منزله وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله) إن القبيح لأقسام مقسمة * عرفية والتي التشريع بينها فمن عفا عن مسئ نفسه أنفت * عن الجزاء لأن السوء عينها فلا تكن بمحل للقبيح لأن * الله بالصفة العلياء زينها قال الله تعالى ولله الأسماء الحسنى وإن كان له جميع الأسماء التي يفتقر كل فقير إلى مسماها ولا فقر إلا إلى الله فإنه يقول يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله ومع هذا فلا يطلق عليه من الأسماء إلا ما يعطي الحسن عرفا وشرعا ولذلك نعت أسماءه بالحسنى وقال لنا ادعوه بها ثم قال وصية لنا وذروا الذين يلحدون في أسمائه أي يميلون في أسمائه إلى ما ليس بحسن وإن كان في المعنى من أسمائه لكن منع أن يطلق عليه لما ناط به عرفا أو شرعا بأنه ليس بحسن وهنا قال سيئة مثلها فالسيئة الأولى سيئة شرعية صاحبها مأثوم عند الله والسيئة الثانية الجزائية ليست بسيئة شرعا وإنما هي سيئة من حيث إنها تسوء المجازي بها كالقصاص فيما لك أن تعفو عنه بهذا الشرط فلما رأى أهل الله أنه تعالى أطلق على ذلك اسم سيئة وقال مثلها ومن اتصف بشئ من ذلك فيقال فيه إنه مسئ على حد ما سمي تلك سيئة سواء فأنف أهل الله أن يكونوا محلا للسوء فاختاروا العفو على الجزاء بالمثل نفاسة وتقديس نفس عن اسم لم يطلقه الله على نفسه كما أطلق الحسن ونبه على الزهد والترك للاخذ عليها بقوله وجزاء سيئة سيئة ولم يقل وجزاء المسئ فإن المسئ هو الذي يجازى بما أساء لا السيئة فإن السيئة قد ذهب عينها وهي لا تقبل الجزاء ولو كانت موجودة فإنها لو قبلت الجزاء لزال عينها مثال ذلك إن الجرح الحاصل في الذي تعدى عليه فجرح إذا اقتص من الذي جرحه مثل ما تعدى عليه صار الآخر المجازي مجروحا وما برئ الأول من جرحه فلو قبلت السيئة جزاء لزال عينها منه ولا يزول فلم يبق الجزاء إلا عين المكلف فإن كانت السيئة فعل المكلف لا مفعوله فقد ذهب عين الفعل بذهاب زمانه فلا يقبل الجزاء لأنه قد انعدم فلم يبق إلا المحل المسئ فأنزل المسئ منزلة السيئة وسمي بها وأضيف الجزاء لي السيئة فللمسئ حكم لسيئة فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم هذا من أقوم القيل وإن كان القيل الإلهي كله قويما ولكن فيه قويم وأقوم بالنسبة إلينا لأنا قد قدمنا ما من شئ يكون فيه كثرة أمثال إلا ولا بد فيه من التفاضل حتما لأنه لا شئ فوق أسماء الله الحسنى ومع هذا تتفاضل بالإحاطة وعدم الإحاطة وينزل اسم إلهي عن اسم إلهي ويعلو اسم إلهي على اسم إلهي فالجزاء بالأمثال أبدا وما خرج عن الوزن والمقدار بالرجحان لا بالنقص فذلك خارج عن الجزاء ولهذا يرجع الحق عليه بعد ما كان له بخلافه في الخير والحسن فإن الرجحان فيه فضيلة يثنى عليه بها وما أحسن قول رسول الله ص في صاحب التسعة فاسمع الولي وقد حكم له بالقصاص أما إنه إن قتله كان مثله يعني قوله وجزاء سيئة سيئة مثلها فسمي قاتلا بلا شك فتركه وعفا وهذا من السياسة والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب التاسع والعشرون وخمسمائة في معرفة حال قطب كان منزله والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه) إن الوفاق لمن طيب الأصول لما * أتابه الله مما شاءه وشرع
(١٧١)