البنون لأنهما من الباقيات الصالحات أعني المال والبنين إذا كان المال الصالح والولد الصالح وأما العلم المذكور في هذا الخبر فهو ما سنه من سنة حسنة وجعل الله المال والولد فتنة يختبر بهما عباده لأن لهما بالقلب لصوقا وهما محبوبان طبعا ويتوصل بهما ولا سيما بالمال إلى ما لا يتوصل بغير المال من أمور الخير والشرفان غلب على العبد الطبع لم يقف في التصرف بماله عند حد بل ينال به جميع أغراضه وإن غلب على العبد الشرع وقف في التصرف في ما له عند ما حد له فيه ربه فلم ينل به جميع أغراضه وما سمي المال ما لا إلا لكون القلب مال إليه لما فيه من بلوع العبد إذا كان صالحا إلى جميع الخيرات التي يجدها عند ربه في المنقلب وإذا لم يكن تام الصلاح فلما فيه من بلوغه أغراضه به وأما الولد فلما كان لأبويه عليه ولادة أحباه وما لا إليه ميل الفاعل إلى ما انفعل عنه وميل الصانع إلى مصنوعه فميله لحب الولد ميل ذاتي فإن كرهه فبأمر عارض لأخلاق ذميمة وصفات شريرة نقوم بالولد فبغضه عرضي فيطلع من هذا الهجير على سبب رحمة الله التي وسعت كل شئ فإن العالم المكلف كله مصنوعه وهو من جملة من ظهرت فيه صنعته فلا بد أن يكون بالذات محبوبا لموجده حبا بالأصالة وإذا وقع عليه كره فمن بعض أفعاله وأفعاله عرضية ومع كونها عرضية ففيها ما يؤيد الأصالة وهو أن جميع الأفعال الظاهرة من العالم كلها لله والعالم محل لظهور تلك الأفعال أو هي للحق كالآلة للصانع فغلبت الرحمة والمحبة وتأخر حكم الغضب وليس تأخره إلا عبارة عن إزالة دوام حكمه وما فتن الله من فتن من عباده إلا بحكم ما ظهر عليهم من الدعاوي فيما يتصرفون فيه إن ذلك الفعل لهم حقيقة أو كسبا فلو أطلعهم الله على اليد الإلهية الخالقة ورأوا نفوسهم آلات صناعية لا يمكن وقوع غير ذلك لما اختبرهم الله فما اختبرهم إلا ليعثروا على مثل هذا العلم فيعصموا من الدعوى فيسعدوا فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فحار ولم يدر وهم القائلون بالكسب ومنهم من حقت عليه كلمة العذاب وهم القائلون بخلق الأفعال وأما الذين هداهم الله فهم الذين أعطوا كل آية وردت في القرآن أو عن الله أو خبر نبوي حقها ولم يتعدوا بها موطنها ولا صرفوها إلى غير وجهتها فما يوجب الحيرة منها كان هداهم فيها الوقوف في الحيرة فلو تعدوها ما أعطوا الآية حقها مثل قوله تعالى والله خلقكم وما تعملون وهي أعظم آية وردت في ثبوت الحيرة في العالم فمن وقف مع المقالة المشروعة وجعل لها الحكم على ما أعطاه النظر العقلي من نقيض ما دل عليه الشرع فذلك السالم الناجي ومن زاد على الوقوف العمل بالتقوى جعل الله له فرقانا يفرق به بين أصحاب النحل والملل وما تعطيه الأدلة العقلية التي تزيل حكم الشرع عند القائل بها فيتأولها ليردها إلى دليل عقله فهو على خطر وإن أصاب فعليك بفرقان التقوى فإنه عن شهود وصحة وجود والله يقول الحق وهو يهدي السبيل الهادي إلى طريق مستقيم (الباب الموفي تسعين وأربعمائة في معرفة حال قطب كان منزله كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) كبر المقت من الله لذا * كبر المقت من الخلق فمن قال قولا ثم لم يعمل به * من جميل وهو القول الحسن عمل الله به في خلقه * وهو لا يدري به في كل فن من فنون الخير فاستبصر به * في وجود الكون من لفظة كن اعلم أيدنا الله وإياك بروح منه أن الله ما أضاف الأفعال إلى الخلق إلا لكون من أضاف الفعل إليه هوية باطنه عين الحق فلا يكون الفعل إلا لله غير أنه من عباد الله من أشهده ذلك ومنهم من لم يشهده ذلك فمن أشهده ذلك وقال ما يمكن أن يكون بالفعل وما فعل فيعمل على القطع شهودا أنه ما امتنع وقوع الفعل إلا لخروجه عن الإمكان العقلي لأنه لم ير له صورة في الأعين الثابتة التي أعطت العلم لله فكيف يقع في الوجود ما لا عين له في الثبوت ولهذا أضاف المقت في ذلك لعند الله فإن هذا الاسم جامع المتقابلات من أحكام الأسماء فمن جملة ما يدل عليه إثبات الإمكان فيمقت من حيث إثبات الإمكان فالله هنا هو اسم خاص معين وهو المثبت الإمكان ويقابله نافي الإمكان فيقول ما ثم إلا وجوب غير أنه مقيد ومطلق فلا يصح إطلاق هذا الاسم الله فإذا قيل فالمراد به التقييد ويظهر بما يدل عليه
(١٢٦)