بسم الله الرحمن الرحيم (الباب الثامن والخمسون وخمسمائة في معرفة الأسماء الحسنى التي لرب العزة وما يجوز أن يطلق عليه منها لفظا وما لا يجوز) أرى سلم الأسماء يعلو ويسفل * وتجري به ريح جنوب وشمال فيا عجبا كيف السلامة والعما * شقيق الهدى والأمر ما ليس يفصل ألم تر أن الله في النار يعدل * وفي جنة الفردوس يسدى ويفضل فإن قلت هذا كافر قلت عادل * وإن قلت هذا مؤمن قلت مفضل فهذا دليل أن ربي واحد * يولي الذي شاء إلا له ويعزل فأعياننا أسماؤه ليس غيرها * ففي نفسه يقضي الأمور ويفصل قال الله تعالى ولله الأسماء الحسنى وليست سوى الحضرات الإلهية التي تطلبها وتعينها أحكام الممكنات وليست أحكام الممكنات سوى الصور الظاهرة في الوجود الحق (فالحضرة الإلهية) اسم لذات وصفات وأفعال وإن شئت قلت صفة فعل وصفة تنزيه وهذه الأفعال تكون عن الصفات والأفعال أسماء ولا بد لكن منها ما أطلقها على نفسه ومنها ما لم يطلق لكن جاء بلفظ فعل مثل ومكر الله وسخر الله وأكيد كيدا والله يستهزئ بهم الذي إذا بنيت من اللفظ اسم فاعل لم يمتنع وكذلك الكنايات منها مثل سرابيل تقيكم الحر وهو تعالى الواقي والنائب هنا السربال وشبه ذلك ومنها الضمائر من المتكلم والغائب والمخاطب والعام مثل قول الله تعالى يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله فقد تسمى في هذه الآية بكل ما يفتقر إليه فكل ما يفتقر إليه فهو اسم لله تعالى إذ لا فقر إلا إليه وإن لم يطلق عليه لفظ من ذلك فنحن إنما نعتبر المعاني التي تفيدنا العلوم وأما التحجير ورفع التحجير في الإطلاق عليه سبحانه فذلك إلى الله فما اقتصر عليه من الألفاظ في الإطلاق اقتصرنا عليه فإنا لا نسميه إلا بما سمي به نفسه وما منع من ذلك منعناه أدبا مع الله فإنما نحن به وله فلنذكر في هذا الباب الحضرات الإلهية التي كنى الله عنها بالأسماء الحسنى حضرة حضرة ولنقتصر منها على مائة حضرة ثم نتبع ذلك بفصول مما يرجع كل فصل منها إلى هذا الباب فمن ذلك لحضرة الإلهية وهي الاسم الله الله الله الله الذي حكمت * آياته أنه في كونه الله سبحانه جل أن يحظى به أحد * من العباد فلا إله إلا هو اختص باسم فلم يشركه من أحد * فيه وذلك قول القائل الله وهي الحضرة الجامعة للحضرات كلها ولذلك ما عبد عابد لله إلا هي وبذا حكم تعالى في قوله وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وقوله أنتم الفقراء إلى الله فلله ما يخفى ولله ما بدا * نعم بل هو الله الذي ليس إلا هو واعلم أنه لما كان في قوة الاسم الله بالوضع الأول كل اسم إلهي بل كل اسم له أثر في الكون يكون عن مسماه ناب مناب كل اسم لله تعالى فإذا قال قائل يا الله فانظر في حالة القائل التي بعثته على هذا النداء وانظر أي اسم إلهي يختص بتلك الحال فذلك الاسم الخاص هو الذي يناديه هذا الداعي بقوله يا الله لأن الاسم الله بالوضع الأول إنما مسماه ذات الحق عينها التي بيدها ملكوت كل شئ فلهذا ناب الاسم الدال عليها على الخصوص مناب كل اسم إلهي ثم إن لهذا المسمى من حيث رجوع الأمر كله إليه اسم كل مسمى يفتقر إليه من معدن ونبات وحيوان وإنسان وفلك وملك وأمثال ذلك مما ينطلق عليه اسم مخلوق أو مبدع فهو تعالى المسمى بكل اسم لمسمى في العالم مما له أثر في الكون وما ثم إلا من له أثر في الكون وأما تضمنه لأسماء التنزيه فمأخذ ذلك قريب جدا وإن كان كل اسم إلهي بهذه المثابة من حيث دلالته
(١٩٦)