عنه فإنك تعلم المحال محالا ولا أثر لك فيه من حيث علمك به ولا لعلمك فيه أثر والمحال لنفسه أعطاك العلم به أنه محال فمن هنا تعلم أن العلم لا أثر له في المعلوم بخلاف ما يتوهمه علماء أصحاب النظر فإيجاد أعيان الممكنات عن القول الإلهي شرعا وكشفا وعن القدرة الإلهية عقلا وشرعا لا عن العلم فيظهر الممكن في عينه فيتعلق به علم الذات العالمة بأنه ظاهر كما تعلق به أنه غير ظاهر بذلك العلم فظهور المعلوم وعدم ظهوره أعني وجوده أعطى العلم فهو حضرة المعلوم ينوع العلم من العالم بما هو عليه في ذاته أعني المعلوم هذا في كل موصوف بالعلم فالصفات المعنوية كلها على الحقيقة نسب غير أنه ثم نسبة تتقدم كالقول بالإيجاد على الموجود ونسبة تتأخر كالعلم والمعلوم فإذا فهمت ما ذكرته لك في هذه الحضرة علمت الأمر العلمي على ما هو عليه والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (حضرة القبض وهي للاسم القابض) لا شك أن القبض معلوم * في ذاته فالأمر مفهوم وليس معلوما لنا سره * لكنه لله معلوم يعلمه الخائف من خوفه * لذاك يمسي وهو مغموم بستانه تبكيه أطياره * يعمره الغربان والبوم منقبض عنه وعن مثله * فسره في الكون مكتوم لها أثر في المحدث والقديم يدعى صاحبها عبد القابض بما يعطيه الممكن من أفعاله فيقبضها الحق منه كما ورد أن الله يأخذ الصدقات من عباده فيربيها لهم وإليه يرجع الأمر كله فيقبضه بحيث إنه لا يبقى لغير الله فيه تصرف بعد القبض الإلهي إلا أن يعطيه الحق ذلك فيقبضه العبد من ربه وأول قبض قبضه الممكن من ربه وجوده فقبض الحق من الممكن علمه به وقبض الممكن من الحق وجوده وجميع ما يتصرف فيه ويضاف إليه من الأفعال فإذا وقعت يقبضها الحق من العامل فحضرة القبض بين القابض والمقبوض والمقبوض منه وقد يكون لهذه الحضرة في القابض قبض مجهول وهو خطر جدا كما يكون لها قبض معلوم فإذا وجد العبد من هذه الحضرة قبضا في نفسه لا يعرف سببه ولا يعرف منه سوى علمه بأنه قابض لأمر مجهول فهو مقبوض الباطن للحق بذلك الأمر الذي لا يعلمه فإذا وقع له مثل هذا القبض من هذه الحضرة فليسكن على ما هو عليه وليتحرك على الميزان المشروع والميزان العقلي ولا يتزلزل فإنه لا بد أن ينقدح له سبب وجود ذلك القبض إما بما يسوءه أو بما يسره ولله عباد يسرهم كل شئ يقامون فيه من بسط وقبض مجهول ومعلوم واعلم أن الأدب مصاحب لهذه الحضرة ولحضرة البسط فإذا قبض من الحق ما يعطيه الله فيقبضه من يده في أمور معينة ومن يد الغير في أمور معينة يعين ذلك مسمى الخير والشر فالخير كله بيد الله فيقبضه منه ولكن بأدب يليق بذلك الخير المعين وابذل جهدك في إن لا تقبض الشر جملة واحدة فإن أعماك الحق وأصمك واستعملك في قبض الشر فمن الأدب أن لا تقبضه من يد الله واقبضه من يد المسمى شيطانا فإن على يده يأتيك الشر فلو زال هذا البريد لم يقع في الوجود حكم شر وما أظهر عين الشر من هذا الشيطان إلا التكليف فإذا ارتفع ارتفع هذا الحكم ولم يبق إلا الغرض والملايمة فنيل الغرض والملايم خير وفقد ما تعلق به الغرض وما لا يلائم شر فخذ الخير كله من يد الحق تسعد ودع الشر كله في يد الغير ترشد سواء نسبتهما إلى الشرع أو إلى الغرض أو الملايمة فمن القبض ما يكون عن وهب ومنه ما يكون عن جود وكرم وعن سخاء وعن إيثار وليس إلا قبض الشر يكون وهو عن إيثار لجناب الحق حيث أضفته إلى نفسك ولم تضفه إلى الله أدبا مع الله حيث لم ينسبه إلى نفسه فإن رسول الله ص المترجم عن الله تعالى يقول والشر ليس إليك وقال وما أصابك من سيئة فمن نفسك فكل ما يسوءك فهو شر في حقك فلو لم يطلق عليه اسم شر لم تضفه إليك ولا أضافه الحق إليك ألا تراه إذا نظرته فعلا من غير حكم عليه كيف يقول كل من عند الله ظهر فقف مع الحكم الإلهي في الأشياء وعلى الأشياء تكن أديبا معصوما فإنه لا يحفظ الله هذا المقام إلا على من عصم الله واعتنى به ومن هذه الحضرة
(٢٢٣)