على العالم بذلك الناظر فيه إذ لم يكن الحق محلا للجزاء فعاد عمل العبد عليه كما عاد عمل الحق على الحق بما وقع به الثناء عليه من المحدثات وقد اتفق لعارفين من أهل زماننا فقال لي أبو البدر دخلت على الواحد منهما بميافارقين فذكرت له شأن العارف الذي ببغداد فقال لي إنه من جملة من يمضي أمري فيه قال فجئت إلى العارف الآخر ببغداد فقلت له إني أدخلت بميافارقين على الوكاف فذكرت له شأنك فقال لي إني رأيته في جملة من يمضي أمري فيه من خولي فقال كذا يزعم والله لقد رأيته يحمل الغاشية بين يدي قال أبو البدر فحرت بينهما وكلاهما صادقان عندي فأزل عني هذه الغمة فقلت له رحمه الله كل واحد منهما صدق وإن كل واحد منهما رأى صاحبه في سلطانه وفي محله والحكم لصاحب المحل فذلك كان حكم المحل لا حكم مراتبهما وأما مقامهما فلا يعرف من هذا وإنما يعرف من أمر آخر فسر بذلك وعرف أنه الحق فينبغي للمنصف أن يعرف المواطن وأحكامها أين موطن الغضب الإلهي من موطن الرضاء يفعل العبد فعلا فيسخط ربه به عليه فهو جنى على نفسه والحق بحكم ذلك الواقع بين عفو ومؤاخذة ويفعل ذلك العبد فعلا يرضي به ربه فهو الذي أرضاه كما أسخطه فالحق مع عباده بحسب أحوالهم غير هذا ما يكون انظر في أحوال الخلق في الكثيب إذا نزلوا على الحق هنالك يتفرج العارفون فيما ذكرناه فإذا عادوا إلى جناتهم وأهليهم وتجلى الحق لهم يتغير الحال منهم لكون المنازل لهم ومنزل الكثيب له إذا كان الحق سمعك وبصرك فقد نزل بك فإن تأدبت معه في النظر والاستماع بقي عندك وإن أسأت الأدب رحل عنك وصورة الأدب معه موجودة فيما شرع لك أن تعامله به فإذا دخلت عليه في بيته وهو المسجد كان له الحكم فيك بسبب إضافة الدار إليه والحكم له فأوجب عليك أن تحييه بركعتين وأن لا تعمل فيه ما لم يأذن لك في عمله فاعلم ذلك والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الثاني والثلاثون وأربعمائة في معرفة منازلة ما ارتديت بشئ إلا بك فاعرف قدرك وذا عجب شئ لا يعرف نفسه) إن الرداء الذي لم يدر لابسه * هو الرداء الذي الرحمن لابسه به تزين عند العالمين من * الأرواح والملأ القلبي حارسه فإن بدت منه أخلاق تحيد به * عن الهدى فرسول الله سائسه قال الله تعالى من يطع الرسول فقد أطاع الله وقال إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله وقال تعالى في الخبر عنه وسعني قلب عبدي المؤمن فالأمر حق ظاهره صورة خلق فهو من وراء ما بدا كما إن المرتدي من وراء ردائه فالعبد هو كبرياء الحق وعظمته فإنه قال الكبرياء ردائي ولهذا كان المخلوق محل عظمة الله لأن العظمة صفة في المعظم لا في المعظم ولو كانت في المعظم لما تعوذ منه من لا يعرفه قال الله لا بي يزيد لما خلع عليه أسماءه أخرج إلى عبادي بصورتي فمن رآك رآني فلما خطا خطوة غشى عليه فقال ردوا على حبيبي فإنه لا صبر له عني فمن عرف نفسه عرف الله ومن عرف الله لم يعرف نفسه والعلم بالله تعالى جهلك بك والعلم بك علمك بالله فإنك منه كما قال جميعا منه ما هو منك وليس إلا معرفة المنزلة والقدر إنا أنزلناه في ليلة القدر نزل به الروح الأمين على قلبك فأنت ليلة القدر لأنك من طبيعة وحق فشهد لك بعظم القدر قبل نزول القرآن عليك وأنت خير من ألف شهر أي خير من الكل لأنه منتهى العدد البسيط الذي يقع فيه التركيب إلى ما لا يتناهى كذلك ما يخلق الله لا يتناهى دائما فإنه خالق على الدوام وجاء بالشهر لشهرة ذلك في كل شهر من الألف ليلة القدر لا بد من ذلك فإن خير الشهور ما كان فيه ليلة القدر فهي خير من ألف شهر فيه ليلة القدر فهي جامعة لكل أمر فهي العامة في جميع الموجودات فالعبد في هذه المنازلة حافظ محفوظ حافظ من حيث إنه يحفظ المرتدي به غيرة وصونا ومحفوظ من حيث إن المرتدي يحتاط عليه لئلا يضيع فإنه معرض للضياع فإنه مخلوق فلا بد له من حافظ هذا جزاء دوري فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الثالث والثلاثون وأربعمائة في معرفة منازلة انظر أي تجل يعدمك فلا تسألنيه فنعطيك فلا أجد من يأخذه) لا تطلبن تجليا * يفنيك عنك فإنني
(٤٤)