ولا تقولوا على الله إلا الحق فحاجة الحق في نفسه إلى ظهوره أعظم من حاجة المظهر له إلى إظهاره فإن الحق قد حجر علينا إظهار الحق في مواطن كالغيبة والنميمة وكتم الأسرار وكلها حق ممنوع الظهور في الكون القولي لا في عينه من حيث هو صفة لمن قام به فهو الظاهر الخفي فالإحسان من الحق رؤية ومن العبد كأنه والايمان من الحق والخلق على حقيقته وكذلك الإسلام عند العارفين به غير أنه لا يقال في الحق إنه مسلم فما كل ما يدري يقال ولا كل ما يشهد يذاع صدور الأحرار قبور الأسرار والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الأحد والستون وأربعمائة في معرفة منازلة من أسدلت عليه حجاب كنفي فهو من ضنائني لا يعرف ولا يعرف) أن الضنائن عند الله في ستر * مخدرون فلا تدري ولا تدري يغار منهم عليهم مثل ما حجبت * بين الليالي صونا ليلة القدر فلا يراها سوى من لا يقيده * نعت يجرده من عالم الأمر تبدو لناظره من خلف زافره * من أول الليل حتى مطلع الفجر قال الله تعالى حور مقصورات في الخيام وهم العارفون إشارة لا تفسيرا المجهولون في العالم فلا يظهر منهم ولا عليهم ما يعرفون به وهم لا يشهدون في الكون إلا الله لا يعرفون ما العالم لأنهم لا يشهدونه عالما فالحق سار ولكن ليس يدريه * إلا الذي قال فيه إنه فيه لكل مليك حرم وحرم وهؤلاء العارفون العلماء به حرمه وحرمه الذي هم فيه العوائد العامة فما سترهم إلا بما هو مشهود للعام والخاص فالعالم يشهد الحق اعتقادا وعينا ويشهد العالم حسا وهؤلاء يشهدون الحق عينا ويشهدون العالم إيمانا لكون الحق أخبرهم أن ثم عالما فيؤمنون به ولا يرونه كما أن العالم يؤمنون بالله ولا يرونه فهم شهداء حق بحق وهم في مقعد صدق فيما تحققوا به فإن قيل لهم فقولكم بالشاهد والمشهود فرق فيقولون عند ذلك أليس تشهد ذاتك بذاتك فأنت غيرك وكلامهم في هذا كله مع الحق شهودا ومع الايمان بأن ثم عالما أدبا وإيمانا فهم المؤمنون حقا والعلماء صدقا وهذا بعض ما وقفنا عليه من منازلات الحق فإنها أكثر من أن يحصرها عد أو يضبطها حد والله يقول الحق وهو يهدي السبيل وها نحن بحمد الله ومعونته والهامة نشرع في الأقطاب والهجيرات التي كانوا عليها أبتغي بذلك الإعلام بأنه من عمل على ذلك وجد ما وجدوا وشهد ما شهدوا إذ بنيت كتابي هذا بل بناه الله لا أنا على إفادة الخلق فكله فتح من الله تعالى وسلكت فيه طريق الاختصار أيضا عن سؤال من العبد ربه في ذلك لأنه لا يقتضي حالنا إلا إبلاغ ما أمر الحق بإبلاغه ويفعل الله ما يشاء والله يقول الحق وهو يهدي السبيل انتهى السفر التاسع والعشرون بانتهاء الباب الأحد والستين وأربعمائة من هذا الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم (الفصل السادس في هجيرات الأقطاب ومقاماتهم المحمدية) (الباب الثاني والستون وأربعمائة في الأقطاب المحمديين ومنازلهم) اليثربي الذي لا نعت يضبطه * ولا مقام ولا حال يعينه مرخى العنان على الإطلاق نشأته * قامت فلا أحد منا يبينه من قال إن له نعتا فليس له * علم به عند ما يبدو مكونه فعلمنا إن علمناه يشير به * وجهلنا هو في علمي يزينه قال الله تعالى عن الملائكة والملأ الأعلى وما منا إلا له مقام معلوم وقال يا أهل يثرب لا مقام لكم فأشبه ليس كمثله
(٧٤)