بذلك فقال وأي كريم يأتي إليه جماعة يشفعون عنده في شخص فيرد شفاعتهم لا والله لا يردها أبدا فكيف الله الذي هو أكرم الكرماء وأرحم الرحماء فما دعاهم ليشفعوا فيه إلا ويقبل شفاعتهم إذا لكريم يقبلها وإن لم يدعهم إلى الشفاعة فيه فكيف وقد دعاهم اعلم أن الله أمرك أن تتقي النار فقال واتقوا النار أي اجعل بينك وبينها وقاية حتى لا يصل إليك أذاها يوم القيامة فإنه ثبت أنه ما من أحد إلا سيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار فاتقوا النار ولو بشق تمرة ولقد وشي ببعض شيوخنا بالمغرب عند السلطان بأمر فيه حتفه وكان أهل البلد قد أجمعوا على ما وشي به وما قيل فيه مما يؤدي إلى هلاكه فأمر السلطان نائبه أن يجمع الناس ويحضر هذا الرجل فإن أجمعوا عليه على ما قيل فيه يأمر الوالي أن يقتله وإن قيل غير ذلك خلى سبيله فجمع الناس لميقات يوم معلوم وعرفوا ما جمعوا له وكلهم على لسان واحد إنه فاسق يجب قتله بلا مخالف فلما جئ بالرجل مر في طريقه بخباز فاقترض منه نصف رغيف فتصدق به من ساعته فلما وصل إلى المحفل وكان الوالي من أكبر أعدائه أقيم في الناس وقيل لهم ما عندكم في هذا الرجل وما تقولون فيه وسموه فما بقي أحد من الناس إلا قال هو عدل رضي عن آخرهم فتعجب الوالي من قولهم خلاف ما كان يعلمه منهم وما كانوا يقولون فيه قبل حضوره فعلم إن الأمر إلهي والشيخ يضحك فقال له الوالي مم تضحك فقال من صدق رسول الله ص تعجبا به وإيمانا والله ما من أحد من هذه الجماعة إلا ويعتقد في خلاف ما شهد به وأنت كذلك وكلكم علي لا لي فتذكرت النار ورأيتها أقوى غضبا منكم وتذكرت نصف رغيف ورأيته أكبر من نصف تمرة وسمعت عن رسول الله ص يقول اتقوا النار ولو بشق تمرة فاتقيت غضبكم بنصف رغيف فدفعت الأقل من النار بالأكثر من شق التمرة وعليك يا أخي بالصدقة فإنها تطفئ غضب الرب ولها ظل يوم القيامة يقي من حر الشمس في ذلك الموقف وإن الرجل يكون يوم القيامة في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس وما من يوم يصبح فيه العبد إلا وملكان ينزلان كذا جاء وثبت عن رسول الله ص يقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا وهو قوله تعالى وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا يدعو له بالإنفاق مثل الأول المنفق لا يدعو عليه فإنهم لا يدعون إلا بخير فهم الذين يقولون ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما وهم الذين قال الله فيهم إنهم يستغفرون لمن في الأرض فما أراد الملك بالتلف في دعائه إلا الإنفاق وهذا خلاف ما يتوهمه الناس في تأويل هذا الخبر وليس إلا ما قلناه فإن النبي ص يقول في الرجل الذي آتاه الله مالا فسلطه على هلكته فيتصدق به يمينا وشمالا فجعل صدقته هلاك المال وهذا معنى تلفه والإنفاق ليس إلا هلاك المال فإنه من نفقت الدابة إذا هلكت فالمال المنفوق هو الهالك لأنه هلك عن يد صاحبه ولهذا دعا للمنفق بالخلف وهو العوض لما مر منه مع ادخار الله له ذلك عنده إلى يوم القيامة إذا قصد به القربة واقترنت بعطائه النية الصالحة (وصية) احذر أن يراك الله حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك واجهد أن يكون لك خبية عمل لا يعلم بها إلا الله فإن ذلك أعظم وسيلة لخلوص ذلك العمل من الشوب وقليل من يكون له هذا وعليك بصيام يوم عرفة ويوم عاشوراء وثابر على عمل الخير في عشر ذي الحجة وفي عشر المحرم وإذا قدرت على صوم يوم في سبيل الله بحيث لا يؤثر فيك ضعفا في بلائك في العدو فافعل وإذا علمت إن النفس تحب أن تمشي في خدمتها فاجهد إن تجعل الملائكة تمشي في خدمتك وتضع أجنحتها لك في طريقك وذلك بأن تكون من طلاب العلم وإن كان بالعمل فهو أولى وأحق وأعظم عند الله وهو قوله إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا وكذلك إذا خرجت تعود مريضا ممسيا أو مصبحا أو معا فأنت إذا خرجت من عنده خرج معك سبعون ألف ملك يستغفرون لك إن كان صباحا حتى تمسي وإن كان مساء حتى تصبح واجهد أن تقرأ في كل صباح ومساء أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم تقرأ ذلك ثلاث مرات على صورة
(٤٩٦)