إلى حال الرائي أو إلى المجموع غير ذلك لا يكون فإن جاءه بحكم في هذه الصورة فلا يأخذ به إن اقتضى ذلك نسخ حكم ثابت بالخبر المنقول الصحيح المعمول به بخلاف حكمه لو رآه على صورته فيلزمه الأخذ به ولا يلزم غيره ذلك فإن الله يقول اليوم أكملت لكم دينكم هذا هو الفرقان عند أهل الله بين الأمرين فإنهم قد يرونه ص في كشفهم فيصحح لهم من الأخبار ما ضعف عندهم بالنقل وقد ينفون من الأخبار ما ثبت عندنا بالنقل كما ذكر مسلم في صدر كتابه عن شخص أنه رأى رسول الله ص في المنام فعرض عليه ألف حديث كان في حفظه فأثبت له ص من الألف ستة أحاديث وأنكر ص ما بقي فمن رآه ص في المنام فقد رآه في اليقظة ما لم تتغير عليه الصورة فإن الشيطان لا يتمثل على صورته أصلا فهو معصوم الصورة حيا وميتا فمن رآه فقد رآه في أي صورة رآه فالمبشرات من التوقيعات الإلهية وثم توقيعات أخر إلهية من الأسماء الإلهية تعرف إذا وردت على قلوب العارفين بالله في كشفهم وهو أن يكون التوقيع الذي يجئ إلى هذا الولي من اسم خاص إلهي من الأسماء الحسنى مما دون الاسم الله فإنه ما يخرج منه في توقيع أصلا من حيث دلالته وإنما يخرج منه إذا ذكر مقيدا بحال يستدعي اسما خاصا بذلك الحال كني عن ذلك الاسم بالاسم الله لتضمنه خاصة وأكثر ما تخرج التوقيعات لأولياء الله من الله والرحمن والرب والملك لا غير هذا هو الغالب المستمر فإن خرج باسم غير ما ذكرنا فهو شاذ يحكم به على حد ما تعطيه حقيقة ذلك الاسم وهو دليل على مضمون ذلك التوقيع لهذا الولي فيتصرف فيه به بحسب ما يقتضيه ويحتاج هذا الولي إلى علم عظيم بالمواطن وصور الأحوال ومراتب العالم وعلم المحو والإثبات والشؤون الإلهية كل ذلك لا بد أن يعرفه العلماء بالله وإن لم يعرفوا ذلك وأمثاله فلا يتعدى قدره وليدخل في عمار الناس ويلزم الجماعة فإن يد الله معهم ومن شذ من الجماعة على غير بصيرة فقد شذ إلى النار بل صاحب البصيرة من المحال أن يشذ عن الجماعة فإنه لا يشذ عن يد الله ولكن يعلم وهو في الجماعة ومعها ما لا يعلمه واحد وأحد من الجماعة إلا من كان مثله فهو مع من هو مثله جماعة ما هو ممن صلى وحده فالسعيد من وقف عند حدود الله ولم يتجاوزها وأنا والله ما تجاوزنا منها حدا ولكن أعطانا الله من الفهم عنه تعالى فيها ما لم يعطه كثيرا من خلقه فدعونا إلى الله على بصيرة من أمره إذ كنا على بينة من ربنا والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الموفي عشرين وأربعمائة في معرفة منازلة التخلص من المقامات) ما في الوجود سواه فانظروه كما * نظرته تجدوا في هو الذي ما هو ومن يدل عليه فهو ذو جدل * في قلبه منه أمثال وأشباه لولاه ما نظرت عين بناظرها * لولاه ما نطقت بالذكر أفواه فاحكم عليه به وأنت في عدم * وأثبت عليه فما في الكون إلا هو والله لولا وجود الحق ما قبلت * أقواله في وجود الكون لولاه قال الله تعالى يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا والجامع للمقامات ما له مقام يقتضيه من عرف نفسه عرف وقوله سنريهم آياتنا في الآفاق يعني الدالة عليها في الآفاق وفي أنفسهم وهي مقيدة فلا بد أن يقيد مدلولها وإن دلت على إطلاقه فكونه مطلقا تقييد لأن التقييد تمييز فمعرفة العارفين به تعالى ليس من رؤية الآيات الخارجة والداخلة فإنها تدل على مقيد في إطلاق أو إطلاق في مقيد والعارفون يرونه عين كل شئ المخلوق قال لمن أساء في حقه فقطع رحمه لا تثريب عليكم فالحق أولى بهذه الصفة لمن أساء في حقه بقطع رحمه فإنا لا نشك أن قاطع الرحم ما قطعها إلا بجهله وما انقطعت الرحم فالرحم موصولة في نفس الأمر فهي موصولة عند العالم فمن جانبه موصولة ومن جانب الجاهل بها مقطوعة ولما رجع الأمر كله لله مما وقعت فيه الدعاوي الكاذبة لم يدل رجوعها إلى الله تعالى على أمر لم يكن عليه الله بل هويته هي هي في حال الدعاوي في المشاركة وفي حال رجوع الأمر إليه والمقام ليس إلا للتمييز وما ثم إلا واحد فعمن يتميز فلا مقام بل هوية أحدية فيها صور مختلفة فزيد أحدي العين لو لم يكن في الوجود إلا هو لم يتميز عن شئ لأنه ما ثم
(٢٨)