الذوق فينا وهو أن تعلم الأشياء منك أي إنك قد اتصفت بها ذوقا وكثير بين من يكون ذلك المعلوم حاله وبين من لا يكون فإنه ما هو منه على علم صحيح وقوله من أنه مما لا يرضى من القول وهو الجهر بالسوء من القول فإن الله لا يحب الجهر بالسوء من القول فإن الحكم بكونه سوء ما علم لا من القول إذ لولا لقول ما وصل علمه إلينا فالقول بالسوء بطريق التعريف إنه سوء قول خير يحب الجهر به لأنه تعليم حتى لا يجهر به عند الاستعمال إذا قضى الله على المكلف استعمال هذا فما في الكون حكم ظاهر في عمل إلا وله مستند إلهي يستند إليه وذلك المستند إليه إن كان خيرا زاد له في الأعطية أضعافا مضاعفة وإن كان شرا شفع فيه ذلك المستند وأقام عذره عند الله فلهذا كان مال العباد المكلفين إلى الرحمة التي وسعت كل شئ والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الأحد والثلاثون وخمسمائة في معرفة حال قطب كان منزله وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه) العبد في الشأن والرحمن في الشأن * وشأن ما هو فيه الحق من شأني فينبغي لي أن أفني مدي عمري * في شأنه فأجازي الشأن بالشأن لولاه ما نظرت عيني إلى أحد * لعلمنا أنه عيني وإنساني إني لأنسي وجودي عند رؤيته * وما نسيت بل النسيان أنساني هذا هجير لزمته سنين كثيرة حتى ما كنت اسمي إلا به مما كنت مستهترا به متحدا ورأينا له بركات لا أحصيها وهو الذي أطلعت منه على المراقبة فكنت رقيبا على نفسي نيابة عن الله حين أمرها أن تكون على وصف خاص معلوم في الشرع المطهر المنزل على لسان المعصوم ص ورقيبا على آثار ربي فيما يورده على قلبي وفي جميع حركاتي وسكناتي ورقيبا أيضا على ربي بموازنة حده المشروع في عباده فكنت أقيم الوزن بين أمره ونهيه وبين إرادته لأرى مواقع الخلاف ممن خالف والوفاق ممن وافق وما جعلني في ذلك إلا ما شيب رسول الله ص وما هو عندي إلا قوله فاستقم كما أمرت فإذا وافق الأمر الإرادة كانت الاستقامة كما أمر وحصل الوفاق وإذا لم يوافق الأمر الإرادة وقع ما حكمت به الإرادة ولم يكن للأمر حكم في المأمور وعلمنا عند ذلك ما هو الأمر الإلهي الذي لا يعصى ومن هو المخاطب وما هو الأمر الإلهي الذي يعصى في وقت فلم نجده إلا الأمر بالواسطة وهو على الحقيقة أمر لفظي صوري فهو صيغة أمر لا حقيقة أمر وأن المأمور بالأمر الإلهي الذي لا يعصى إنما هو المخاطب عين الممكن الذي توجه من الحق عليه الإيجاد بأن يقول له كن فيكون ولا بد فهذا هو الأمر الذي لا يعصيه المخاطب أصلا وإنما الإنسان المكلف هو محل ظهور هذا المكون كما إن المكون محل التكوين فيقول للشهادة كن فتكون الشهادة وما لها محل إلا لسان الشاهد وهو القائل فننسب الشهادة إلى من ظهرت فيه ليس له فيها تكوين وإنما التكوين فيها لله في هذا المحل الخاص وهكذا جميع أفعال المكلفين وكون ذلك الفعل طاعة أو معصية ليس عينه وإنما هو حكم الله فيه فكنت أشاهد تكوين الأشياء في ذاتي وفي ذات غيري أعيانا قائمة ذاكرة لله مسبحة بحمده مع كونها ينطلق عليها اسم معصية وطاعة فطلبت من الله مسمى المعصية هل له عين وجودية أو لا عين له وهل بينه وبين مسمى الطاعة فرقان أم الحكم سواء فإن الله لا يأمر بالفحشاء وما يتكون شئ إلا عن أمره فهل للمعصية تكوين أم لا فاطلعنا على إن مسمى المعصية إنما هو ترك والترك لا شئ ولا عين له فوجدناها مثل مسمى العدم فإنه اسم ليس تحته عين وجودية فإن الشأن محصور في أمر لا يفعل أو نهي لا يمتثل وغير ذلك ما هو ثم فإذا قيل لي أقم الصلاة فلم أفعل فعصيت وخالفت أمر الله فما تحت قولي لم أفعل وخالفت إلا أمر عدمي لا وجود له وكذلك في النهي إذا قيل لي لا تفعل كذا مثل قوله تعالى لا يغتب بعضكم بعضا فلم أمتثل نهيه ومدلول لم أمتثل عدم لا عين له في الوجود لأنه نفي فاغتبت ومعنى فاغتبت أي ظهر في محلي عين موجودة أوجدها الحق بالأمر التكويني وهو القول الموجود في لساني على طريق خاص يسمى الغيبة فامتثل ذلك المقول في لساني أمر سيده وموجدة بالإيجاد وما أضيف إلي منه إلا كوني لم أمتثل نهيه فانتفى عن محلي الامتثال فما أخذت
(١٧٤)