البيع وصح الشراء وإن لم يوافق فالمشتري بالخيار إن شاء وإن شاء فإن هلك في سفره في الطريق كان في كيس البائع لا في كيس المشتري وهذا السوق نفاق إلا أن الطريق خطر جد الكثرة القطاع فيه فقطاع طريق السفر في المعقولات الشبه وقطاع طريق السفر في المشروعات التأويل لا سيما في المتشابهات ولا يخلو المسافر أن يكون في هذين الطريقين أو في أحدهما فمن لا تأويل له ولا شبهة فليس بمسافر بل هو في المنزل من أول قدم فيمر عليه المسافرون وهو ما يعرض الله عليه من أحوال عباده فهو كتاجر الدكان تأتيه البضائع من كل جانب كما هم أهل مكة تجبى إليهم ثمرات كل شئ رزقا من لدنه سبحانه وأكثرهم لا يعلمون ذلك فتاجر الدكان لا يحتاج إلى زاد لأنه يسافر إليه ولا يسافر وليس إلا العارفون ترد عليهم الأنفاس ثم تخرج عنهم تلك الأنفاس فهي لهم كعرض المتاع على تاجر الدكان فيأخذ منها ما شاء ويترك ما شاء لأن الأنفاس قد ترد على العارف بما هو محمود وهي البضائع التي لا عيب فيها المثمنة خيار المتاع ونقاوته ومذموم وهي البضائع المعيبة التي نقص ما فيها من العيب ما كانت تستحقه من الثمن لو سلمت منه وهي البضائع الوخش شر المتاع فانظر أي تاجر تريد أن تكون ثم إن المسافرين من التجار الذين أمرهم الله بالزاد الذي لا يفضل عنهم بعد انقضاء سفرهم منه شئ بل يكون على قدر المسافة فهم على ثلاثة أصناف صنف منهم يسافر برا وآخر يسافر بحرا وآخر يسافر برا وبحرا بحسب طريقه فمسافر البحر بين عدوين نفس الطريق وما فيه ومسافر البر ذو عدو واحد والجامع بينهما في سفره ذو ثلاثة أعداء فمسافر البحر أهل النظر في المعقولات ومن النظر في المعقولات النظر في المشروعات فهم بين عدو شبهة وهو عين البحر وبين عدو تأويل وهو العدو الذي يقطع في البحر ومسافر البر المقتصرون على الشرع خاصة وهم أهل الظاهر والمسافر الجامع بين البر والبحر هم أهل الله المحققون من الصوفية أصحاب الجمع والوجود والشهود وأعداؤهم ثلاثة عدو برهم صور التجلي وعدو بحرهم قصورهم على ما تجلى لهم أو تأويل ما تجلى لهم لا بد من ذلك فمن سلم من حكم التجلي الصوري ومن القصور الذي يناقض المزيد ومن التأويل فيما تجلى لهم فقد سلم من الأعداء وحمد طريقه وربحت تجارته وكان من المهتدين فهذا وأمثاله يعطيه هذا الذكر وهو ذكر الالتباس من أجل ذكر التقوى لما في ذلك من تخيل تقوى الله ولهذا أبان الله عن تلك التقوى ما هي وفصل بينها وبين تقوى الله فقال في تمام الآية واتقون يا أولي الألباب وجعل المجاور لهم في تقوى الله ليس عليكم جناح برفع الحرج والسؤال فيما تزودوه في سفرهم من التقوى فإنه فضل على تقوى الله فإن الأصل تقوى الله فقال ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم وهو التجارة مع علمك بأنه زاد التقوى وهذا القدر كاف فإن المجال فيه واسع والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الثاني والعشرون وخمسمائة في معرفة حال قطب كان منزله والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون) إن القلوب مع الخيرات في وجل * وإنها عند ما تلقاه في خجل فيسرع العبد في مرضات سيده * لكونه خلق الإنسان من عجل فالطبع يسرع والأفكار تسعده * فما يرى أبدا يمشي على مهل إن السباق لمن شأن الرجال فمن * أربى على أحد أربى على رجل قال الله تعالى في الورثة ومنهم سابق بالخيرات ذلك هو الفضل الكبير فالضمير من هو يعود على السبق الذي يدل عليه اسم الفاعل اعلم أن السبب الموجب لوجلهم قول الله عنهم الذين يؤتون وجعل هنا ما بمعنى الذي ثم جاء باتوا بعد ما وكلامه صدق فأدركهم الوجل إذ قطعوا أنهم لا بد أن يقوم بهم الدعوى فيما جاءوا به من طاعة الله فيكشف الله لهم إذا خافوا ووجلوا من ذلك وتبديل الله لفظة ما التي بمعنى الذي بلفظة ما النافية مثل قوله تعالى وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى هكذا يكون كشفه هنا للوجل ما يؤتون الذي أتوا به ولكن الله أتى به فأقامهم مقام نفسه فيما جاءوا به من الأعمال الصالحة ثم نظروا في ذكرهم للتعليل وهو قوله تعالى إنهم إلى ربهم راجعون فيما أتوا به مع كون الله
(١٦٤)