أنه لو اعتقد أن كل جهة يتولى إليها ما فيها وجه الله لكان كافرا وجاهلا ومع هذا فلا يجوز له أن يتعدى بالأعمال حيث شرعها الله ولهذا اختلفت الشرائع فما كان محرما في شرع ما حلله الله في شرع آخر ونسخ ذلك الحكم الأول في ذلك المحكوم عليه بحكم آخر في عين ذلك المحكوم عليه قال الله تعالى لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا فما نسخ من شرع واتبعه من اتبعه بعد نسخه فذلك المسمى هوى النفس الذي قال الله فيه لخليفة داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق يعني الحق الذي أنزلته إليك ولا تتبع الهوى وهو ما خالف شرعك فيضلك عن سبيل الله وهو ما شرعه الله لك على الخصوص فإذا علمت هذا وتقرر لديك علمت أن الله إله واحد في كل شرع عينا وكثير صورة وكونا فإن الأدلة العقلية تكثره باختلافها فيه وكلها حق ومدلولها صدق والتجلي في الصور يكثره أيضا لاختلافها والعين واحدة فإذا كان الأمر هكذا فما تصنع أو كيف يصح لي أن أخطأ قائلا ولهذا لا يصح خطأ من أحد فيه وإنما الخطاء في إثبات الغير وهو القول بالشريك فهو القول بالعدم لأن الشريك ليس ثم ولذلك لا يغفره الله لأن الغفر الستر ولا يستر إلا من له وجود والشريك عدم فلا يستر فهي كلمة تحقيق إن الله لا يغفر أن يشرك به لأنه لا يجده فلو وجده لصح وكان للمغفرة عين تتعلق بها وما في الوجود من يقبل الأضداد إلا العالم من حيث ما هو واحد وفي هذا الواحد ظهرت الأضداد وما هي إلا أحكام أعيان الممكنات في عين الوجود التي بظهورها علمت الأسماء الإلهية المتضادة وأمثالها فإذا علمت هذا فقل بعد ذلك ما شئت أما كثرة الأسماء أظهرت كثرة الأحكام وأما كثرة الأحكام أظهرت كثرة الأسماء فإنه أمر لا ينكره عقل ولا شرع فالوجود يشهد له وما بقي إلا ما ذكرناه إلى من ينسب الحكم هل للأسماء الإلهية أم للممكنات الكونية وهما مرتبطان محكوم بهما في عين واحدة فيا خيبة الجهال ماذا يفوتهم * وما ذا يفوت القائلين بجهلهم فقد قلت هذا ثم هذا فإنني * من أجل الذي قد قلت فيهم من أهلهم فمن وحد ما أنصف ومن أشرك فما أصاب هو تعالى واحد لا بتوحيد موحد ولا بتوحيده لنفسه لأنه واحد لنفسه فما أحديته مجعولة ولا أحدية كثرته مجهولة وما ثم إلا عدم ووجود فالوجود له والعدم ليس له لكن له الإعدام ولا يقال والعدم لغيره فتثبت عين ما تنفى فتجوز في اللفظ وما بين الوجود والعدم ما لا يتصف بالوجود ولا بالعدم وهو العالم معطي الأحكام لعين الوجود والصور لعين الشهود والمدلولات لأدلة العقود فشاهد ومشهود وعاقد ومعقود وموجد وموجود وما ثم أمر مفقود فقد تميزت الحدود بل ميزت كل محدود وما ثم إلا محدود لمن عرف العدم والوجود والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الرابع والسبعون وأربعمائة في حال قطب كان منزله ما عندكم ينفد وما عند الله باق) أنا عند الذي ما زال عندي * فزال نفادنا فلنا البقاء تقاسمنا الوجود على سواء * فكان له السنا ولنا السناء به فانظر إذا ما قلت أنا * فنحن به له فلنا الثناء رأيناه بغير اسمي وحيدا * نزيها لا ينهنهه اللقاء فلما أن تسمى غاب عنا * وأسبل دون أعيننا الغطاء قال الله عز وجل الله نور السماوات والأرض فله السناء وقال إليه يصعد الكلم الطيب فله ولنا السناء بصعودنا إليه وقال وإن من شئ إلا عندنا خزائنه فنحن وما عندنا عنده * وليس الذي عنده عندنا وما عند الله باق قلنا ولما عندنا البقاء فهو وإن نفد ما عندنا من عندنا فإنه لا ينفد من عنده وما عند الله خير وأبقى وما عند الله إلا العالم والله خير وأبقى ممن هو عنده كذا قال الله سبحانه في كتابه خير وأبقى لأن بقاء العالم إذا وصف بالوجود بإبقائه وإذا أبقيناه على حاله مع ظهور أحكامه في عين الوجود فله البقاء وهو بكل حال لم يزل في درجة الإمكان
(١٠٧)