خصوص وصف ليس للحق أصلا كالذلة والافتقار والله يقول الحق وهو يهدي السبيل انتهى الباب السادس والتسعون وأربعمائة بانتهاء السفر الثلاثين والحمد لله رب العالمين بسم الله الرحمن الرحيم (الباب السابع والتسعون وأربعمائة في معرفة حال قطب كان منزله وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) الشرع يقبله عقل وإيمان * وللعقول موازين وأوزان عند الإله علوم ليس يعرفها * إلا لبيب له في الوزن رجحان فالأمر عقل وإيمان إذ اشتركا * في حكم تنزيهه ما فيه خسران وثم ينفرد الايمان في طبق * بما تماثله بالشرع أكوان والعقل من حيث حكم الفكر يدفعه * بما يؤيده في ذك برهان لو أن غير رسول الله جاء به * في الحين كفره زور وبهتان إذا تأوله من غير وجهته * وقال ما لي على ما قال سلطان لله في ذاك سر ليس يعلمه * إلا فريد وذاك الفرد إنسان قد كمل الله في الإنشاء صورته * بصورة الحق فالقرآن فرقان العين واحدة والحكم مختلف * للجانبين فما في النشئ نقصان قال الله تعالى إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم على أن تكون ما زائدة وليس القليل إلا من آمن بالله فإن الموحدين بالله هم الذين وحدوا الله بالله وأما الموحدون الذين وحدوا الله لا بالله بل بأنفسهم فهم الذين أشركوا في توحيده غير إن هذا الهجير لا يعطي الايمان بتوحيد الله وإنما يعطي مشاهدة ميثاق الذرية إذ أخذ الله من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلي وما كان إلا التصديق بالوجود والملك لا بالتوحيد وإن كان فيه توحيد فغايته توحيد الملك فجاء قوله تعالى وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون لما خرجوا إلى الدنيا لأن الفطرة إنما كانت إيمانهم بوجود الحق والملك لا بالتوحيد فلما عدم التوحيد من الفطرة ظهر الشرك في الأكثر ممن يزعم أنه موحد وما أدى من أداه إلى ذلك إلا التكليف فإنه لما كلفهم تحقق أكثرهم إن الله ما كلفهم إلا وقد علم إن لهم اقتدارا نفسيا على إيجاد ما كلفهم به من الأفعال فلم يخلص لهم توحيد فلو علموا من ذلك أن الله ما كلفهم إلا لما فيهم من الدعوى في نسبة الأفعال إليهم التي نسبوها إلى أنفسهم ليتجردوا عنها بالله لا بنفوسهم كما فعل أهل الشهود فإذا ألزم الذاكر نفسه هذا الذكر نتج له إقامة العذر عند الله لعباد الله فيما أشركوا فيه عند إيمانهم فإن الله أثبت لهم الايمان بالله وهو خير كثير وعناية عظيمة إذا نظروا إلى من قال فيهم تبارك وتعالى والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله فأظهروا ما ليس بوجود وجودا وأزالوا في عقدهم وجود ما هو وجود وهو الله فسماه الله سترا فكان مستورا عنهم وجود الحق بما ستروه إذ لم يستروه حتى تصوروه وبعد التصور ستروه فكانوا كافرين ومن شأن الحق أنه حيث ما تصور كان له وجود في ذلك التصور ولا يزول برجوع ذلك المتصور عما تصور بخلاف المخلوق فإن المخلوق إذا تصورته كان له وجود في تصورك فإذا تبين لك أنه ليس كذلك زال من الوجود بزوال تصورك ما تصورته فهذا فرقان بين الله وبين المخلوق وهو علم دقيق لا يعلمه كثير من الناس فلهذا ثبت الشرك في العالم لأنه قابل صورة كل معتقد ولو لم يكن كذلك ما كان إلها فإذا سمع السامع الخبر النبوي بوجود الله آمن به على ما يتصوره فما آمن إلا بما تصوره والله موجود عند كل تصور كما هو موجود في خلاف ذلك التصور بعينه فما آمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون لما يطرأ عليهم في نفوسهم من مزيد العلم بالله ولو في كل مزيد تصور فيه ليس عين الأول وليس إلا الله في ذلك كله فما جاء الله بهذه الآية إلا لإقامة عذرهم ولم يتعرض سبحانه للتوحيد ولو تعرض للتوحيد لم يصح قوله إلا وهم
(١٣٣)