المقامات المذكورة في الطريق فإن نفوسهم تقبل التغيير والتحويل من حال إلى حال ومن مقام إلى مقام ولكن ذلك كله لله لما سمعوا دعاءه إياهم من هذه الأمور كلها فدخلوا عليه بها ذوقا وحالا لا علما ولا اعتقادا فإن سائر المؤمنين والعلماء علماء الرسوم يعلمون هذه الأمور كلها ولكن لا قدم لهم فيها فهؤلاء إذا تجلى لهم الحق لم يثبتوا لظهوره لأن المحدث إذا ظهر له القديم يمحو أثره إذ لا طاقة للمحدث على رؤية القديم ولهذا جاء الخبر الصحيح الإلهي بأن الحق قد يكون بصر العبد وسمعه حتى يثبت لظهور الحق في التجلي أو في الكلام ألا ترى إلى موسى ع لما كان الحق سمعه ثبت لكلام الله فكلمه فلما وقع التجلي ولم يكن الحق عند ذلك بصر موسى كما كان سمعه صعق ولم يثبت فلو كان بصره لثبت وأما العبيد الآخرون فهم له به فيثبتون في كل موطن مهول من حادث وقديم للقوة الإلهية السارية في ذواتهم فلا يبقى حال ولا مقام إلا ويظهرون به وفيه بطريق التحكم به والتصرف فيه فهم يملكون الأحوال والمقامات ولا يملكهم شئ إلا ما قررناه من ذلك الأمر الذي يملك الحق إذا كان الحق ملك الملك فبذلك القدر يكونون في ذواتهم فبه تعالى يسمعون ويبصرون ويأكلون ويشربون وينامون ويقومون وله يسمعون ويبصرون ويأكلون ويشربون وينامون ويقومون وهو قول رسول الله ص في بعض خطبه في الثناء على الله فإنما نحن به وله فإذا اجتمع عبدان الواحد له بنفسه والآخر له به أنكر من هو له بنفسه على من هو له به ولم ينكر من هو له به على من هو له بنفسه لأنه عبد محض خالص والآخر حق محض خالص والصورة الظاهرة منهما صورة خلق والباطنة ممن هو لله بنفسه صورة خلق والصورة الباطنة من الآخر صورة حق فهذا يتصرف بحق في حق لحق والآخر يتصرف بخلق في خلق لحق ومنهم من يتصرف في حق لحق بخلق أعني من الذين هم بأنفسهم فخرق العوائد لمن كان لله بنفسه والمنزلة لمن كان لله بالله فهؤلاء أصحاب كرامات وهؤلاء أهل منازل وأصحاب الكرامات معلومون عند الله معلومون عند الخلق وأهل المنازل معلومون عند الله وعند أبناء الجنس مجهولون عند الخلق إلا أن أهل خرق العوائد يبطن في حالهم المكر الإلهي والاستدراج وأهل المنازل مخلصون من المكر لأنهم على بصيرة وبينة من ربهم فهم أهل وصول إلى عين الحقيقة جعلنا الله وإياكم من عبيد الاختصاص آمين بعزته والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الحادي والخمسون وأربعمائة في معرفة منازلة في المخارج معرفة المعارج) لولا وجود الكون في المعارج * ما لاح عين الحرف بالمخارج أخرجه ضرب مثال للذي * قد ارتقى في رتب المعارج فالنفس الدارج في طريقه * يبين عن منازل المدارج قال الله تعالى تعرج الملائكة والروح إليه وقال تعالى إليه يصعد الكلم الطيب وقال تعالى رفيع الدرجات ذو العرش اعلم أن الممكنات هي كلمات الله التي لا تنفد وبها يظهر سلطانها الذي لا يبعد وهي مركبات لأنها أتت للإفادة فصدرت عن تركيب يعبر عنه في اللسان العربي بلفظة كن فلا يتكون عنه إلا مركب من روح وصورة ثم تلتحم الصور بعضها ببعض لما بينهما من المناسبات فتحدث المعاني فينا بحدوث تأليفها الوضعي وما وقع فيها الوضع في الصور المخصوصة إلا لذاتها لا بحكم الإنفاق ولا بحكم الاختيار لأنها بأعيانها أعطت العلم الذي لا يتحول والقول الذي لا يتبدل والمشيئة الماضية فهي في الشهادة بحسب ما هي عليه في الغيب فهي في الغيب بصورة كل ما تتقلب إليه في الظاهر مما لا نهاية له في الغيب من التقليب وهو في الظاهر يبدو مع الآيات إذ لا يصح دخول ما لا يتناهى في الوجود لأن ما لا يتناهى لا ينقضي فلا يقف عند حد والمادة التي ظهرت فيها كلمات الله التي هي العالم هي نفس الرحمن ولهذا عبر عنه بالكلمات وقيل في عيسى ع إنه كلمة الله ثم اعلم أن الله تعالى لما أظهر من كلماته ما أظهر قدر لهم من المراتب ما قدر فمنهم الأرواح النورية والنارية والترابية وهم على مراتب مختلفة وكلهم أوقفهم مع نفوسهم وأشهدهم إياها واحتجب لهم فيها ثم طلب منهم أن يطلبوه ونصب لهم معارج يعرجون عليها في طلبها إياه فدخل لهم بهذه المعارج في حكم الحد وجعل لهم قلوبا يعقلون بها ولبعضهم فكرا
(٦٥)