وهو الإمام الذي رست قواعده * الطيب الطاهر المحسان والعلم تعنو له أوجه الأملاك قاطبة * والخلق تعنو له واللوح والقلم اعلم أيدنا الله وإياك بروح منه أني التزمت هذا الذكر أيضا سنين متعددة حتى كنت أسمي به في بلدي كما كنت أسمي أيضا يغيره من الأذكار ورأيت له بركات ظاهرة فلا بقوله أتوا ولا بقوله بما لم يفعلوا فهو قوله فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وقوله وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى فيجئ الإنسان بالفعل من كون الفعل ظهر فيه فيحب إن يحمد بما فعل فيه والفعل ليس له فله من الالتذاذ بذلك على قدر دعواه إلا أنه التذاذ موجع لكونه يعلم الأمر على خلاف دعواه كالمتكبر الجبار الذي لا يمكن له أن ينتزح عن ضروراته وافتقاره إلى أدنى الأسباب المريحة له من ألمه فقوله فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب يقول لا تظن أنهم يلتذون بذلك إشارة لا حقيقة ويستعذبونه بل لهم فيه استعذاب إن كانوا عارفين فجمعوا في هذا الذوق بين العذاب والألم فهم من وجه في نعيم ومن وجه في ألم مؤلم كما قال بعضهم فهل سمعتم بصب * سليم طرف سقيم * منعم بعذاب * معذب بنعيم واعلم أن كل ذكر ينتج خلاف المفهوم الأول منه فإنه يدل ما ينتجه على حال الذاكر كما شرطناه التفسير الكبير لنا إلا لكامل من الرجال فإنه يعلم جميع ما ينتجه ذلك الذكر لعدم تقييده وخروجه عن تلك الصفات والأسماء التي تحت ولاية الاسم الله فإن الكامل من الرجال بمنزلة الاسم الله من الأسماء وإن كان له الإطلاق فلا ينطق به إلا مقيدا بالحال أو اللفظ لا بد من ذلك والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الخامس والخمسون وخمسمائة في معرفة السبب الذي منعني أن أذكر فيه بقية الأقطاب من زماننا هذا إلى يوم القيامة) لكل منع سبب ظاهر * أو باطن لا بد من كونه فمانع يظهر من غيره * ومانع يظهر من عينه وقد يكون المنع من قربه * وقد يكون المنع من بينه فمن وجود العقل عن فكره * تجد وجود الحق في صونه فزينة الإنسان من نفسه * إدراكه الزينة في شينه اعلم وفقنا الله وإياك أن الكتب الموضوعة لا تبرح إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وفي كل زمان لا بد من وقوف أهل ذلك الزمان عليها ولا بد في كل زمان من وجود قطب عليه يكون مدار ذلك الزمان فإذا سميناه وعيناه قد يكون أهل زمانه يعرفونه بالاسم والعين ولا يعرفون رتبته فإن الولاية أخفاها الله في خلقه وربما لا يكون عندهم في نفوسهم ذلك القطب بتلك المنزلة التي هو عليها في نفس الأمر فإذا سمعوا في كتابي هذا بذكره أداهم إلى الوقوع فيه فينزع الله نور الايمان من قلوبهم كما قال رويم وأكون أنا السبب في مقت الله إياهم فتركت ذلك شفقة مني على أمة محمد ص وما أنا في قلوب الناس ولا في نفس الأمر ولا عند نفسي بمنزلة الرسول يجب الايمان بي عليهم وبما جئت به ولا كلفني الله إظهار مثل هذا فأكون عاصيا بتركه ولا هذه المسألة بمنزلة قوله تعالى وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وبسط الرحمة على الكافة أولى من اختصاصها في حقنا وقد فعل مثل هذا القشيري في رسالته حيث ذكر أولئك الرجال في أول الرسالة وما ذكر فيهم الحلاج للخلاف الذي وقع فيه حتى لا تتطرق التهمة لمن وقع ذكره من الرجال في رسالته ثم إنه ساق عقيدته في التوحيد في صدر الرسالة ليزيل بذلك ما في نفس بعض الناس منه من سوء الطوية والله يقول الحق وهو يهدي السبيل
(١٩٤)