تنزهت بي عن لم وكيف وكم وما * وهل عين لفظ قد يكون له الحكم وهل ثم موجود يصح فإن تزد * فما زدت إلا ما يكونه الوهم بذاك أتى القرآن إن كنت ناظرا * كما قد أتى للمؤمنين به الفهم فهذا ذكر حكيم يعطي من عوارف المعارف والآداب ما لا يسعه كتاب والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الثامن والثلاثون وخمسمائة في معرفة حال قطب كان منزله فاستقم كما أمرت) المستقيم الذي قامت قيامته * من غير موت ولا يدري به أحد وليس يصرفه عن أمر خالقه * من الخلائق لا أهل ولا ولد وما له في وجود الكون مستند * إلا الإله الذي إليه يستند إليه يرفع من في الكون حاجته * لأنه السيد المحسان والصمد هو المهيمن لا تحصى عوارفه * يدري بذلك سباق ومقتصد قال رسول الله ص شيبتني هود وأخواتها من كل سورة فيها ذكر الاستقامة فإنه والمؤمنين مأمور بها والحكم للعلم لا للأمر وما الله بظلام للعبيد فإنه ما علم تعالى إلا ما أعطته المعلومات فالعلم يتبع المعلوم ولا يظهر في الوجود إلا ما هو المعلوم عليه فلله الحجة البالغة ومن لم يعرف الأمر هكذا فما عنده خبر بما هو الأمر عليه فالإنسان جاهل بما يكون منه قبل كونه فإذا وقع منه ما وقع فما وقع إلا بعلم الله فيه وما علم إلا ما كان المعلوم عليه فصح قوله ولا يرضى لعباده الكفر والرضاء إرادة فلا تناقض بين الأمر والإرادة وإنما النقض بين الأمر وما أعطاه العلم التابع للمعلوم فهو فعال لما يريد وما يريد إلا ما هو عليه العلم وما لنا من الأمر الإلهي إلا صيغة الأمر وهي من جملة المخلوقات في لفظ الداعي إلى الله تعالى فهي مرادة معلومة كائنة في فم الداعي إلى الله فتنبه واعتبر وقل رب زدني علما فمن ازداد علما ازداد حكما فانظر فيما أمرت به أو نهيت عنه من حيث إنك محل لوجود عين ما أمرت به أو نهيت عنه من حيث إنك محل لوجود عين ما أمرت به فمتعلق الأمر عند صاحب هذا النظر أن يهيئ محله بالانتظار فإذا جاء الأمر الإلهي الذي يأتي بالتكوين بلا واسطة فينظر أثره في قلبه أو لا فإن وجد الإباية قد تكونت في قلبه فيعلم أنه مخذول وأن خذلانه منه لأنه على هذه الصورة في حضرة ثبوت عينه التي أعطت العلم لله به وإن وجد غير ذلك وهو القبول فكذلك أيضا فينظر في العضو الذي تعلق به ذلك الأمر المشروع أن يتكون فيه من أذن أو عين أو يد أو رجل أو لسان أو بطن أو فرج فإنا قد فرغنا من القلب بوجود الإباية أو القبول فلا نزال نراقب حكم العلم فينا من الحق حتى نعلم ما كنا فيه فإنه لا يحكم فينا إلا بنا كما قلنا أيها العذب التجني والجنا * أيها البدر سناء وسنا نحن حكمناك في أنفسنا * فاحكم إن شئت علينا أو لنا فإذا تحكم فينا إنما * عين ما تحكمه فينا بنا ومن كان هذا حاله في مراقبته وإن وقع منه خلاف ما أمر به فإنه لا يضره ولا ينقصه عند الله إفضالا من الله لا تحكما عليه عز وجل فإن المراد قد حصل الذي يعطي السعادة وهو المراقبة لله في تكوينه وهذا ذوق لا يمكن أن يعلم قدره إلا من كان حاله وهذا هو عين سر القدر لمن فهمه وكم منع الناس من كشفه لما يطرأ على النفوس الضعيفة الايمان من ذلك فليس سر القدر الذي يخفى عن العالم عينه إلا اتباع العلم المعلوم فلا شئ أبين منه ولا أقرب مع هذا البعد فمن كان هذا حاله فقد فاز بدرجة الاستقامة وبها أمر فإنه أمر بالمراقبة فيتبع الحكم ما يكون * والصعب من ذلكم يهون ولذلك لم يكن شيب رسول الله ص بالكثير وإنما كان شعرات معدودة لم تبلغ العشرين متفرقة وقال شيبتني فلولا هذا الخاطر ما شاب رسول الله ص فلما تبين له الأمر كما قررناه وقف عنه الشيب ولم يقم به هم
(١٨٢)