علم كما أخبرنا عنهم فصبر على ذلك ولا شخص أصبر على أذى من الله لاقتداره على الأخذ فهو المؤمن الكامل في إيمانه بكمال صبره وشكره ومن أعجب شكره أنه شكر عباده على ما هو منه ثم إنه تعالى من حيائه إنه يؤتى بشيخ يوم القيامة فيسأله ويقرره على هناته وزلاته فينكرها كلها فيصدقه ويأمر به إلى الجية فإذا قيل له سبحانه في ذلك يقول إني استحييت أن أكذب شيبته فأما تصديقه من كون الحياء من الايمان وهو المؤمن فإنه صدق من قبوله لما خلق الله فيه من المعاصي والذنوب وكل ما خلق الله فيه لولا قبوله ما نفذ الاقتدار فيه وأما قوله ص وهو الحياء لا يأتي إلا بخير والله حيي فأتاه من حيائه بخير وأي خير أعظم من أن يستر عليه ولم يفضحه وغفر له وتجاوز عنه وإن العبد إذا قامت به هذه الصفات الإلهية فمن هذه الحضرة تأتيه ومنها يقبلها فإنه لكونه على الصورة الإلهية يقبل من كل حضرة إلهية ما تعطيه لأن لها وجها إلى الحق ووجها إلى العبد وكذلك كل حضرة تضاف إلى العبد مما يقول العلماء فيها تضاف إلى العبد بطريق الاستحقاق والأصالة وإن كنا لا نقول بذلك فإن لكل حضرة منها أيضا وجهين وجها إلى الحق ووجها إلى العبد فانتظم الأمر بين الله وبين خلقه واشتبه فظهر في ذلك الحق بصفة الخلق وظهر الخلق بصفة الحق ووافق شن طبقة فضمه واعتنقه والله غني عن العالمين فظهر في ذلك التعانق والتوافق لام الألف فكان ذلك العقد والرباط وأخذ العهود والعقود بين الله وبين عباده فقال تعالى وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (السخي حضرة السخاء) إن السخي هو الذي يعطي على * قدر الذي يحتاجه المخلوق لا زائد فيه ولا نقص لذا * قد عينت فيه عليه حقوق ليس السخي الذي يعطي مجازفة * إن السخي الذي يعطي على قدر وليس نعت الذي كان الوجود به * لكنه من نعوت الخلق والبشر وإنما سقته لله حين أتت * به النصوص التي جاءتك في الخبر فكن به عالما فمن حقيقته * أن لا يقوم به شئ من الغير فإن صورته في طي صورتنا * وإن سورته تربى على السور يدعى صاحبها عبد السخي وهي من حضرات العطاء والسخاء العطاء بقدر ما يحتاج إليه المعطي إياه فلا يكون إلا عن سؤال إما بلسان حال أو بلسان مقال وإذا كان بلسان المقال فلا بد من لسان الحال وإلا فليس بمحتاج وحضرات العطاء كثيرة منها الوهب والجود والكرم والسخاء والإيثار وهو عطاء الفتوة وقد بيناه في هذا الكتاب في باب الفتوة وفي كتاب مواقع النجوم في عضو اليد الذي ألفناه بالمرية من بلاد الأندلس سنة خمس وتسعين وخمسمائة عن أمر إلهي وهو كتاب شريف يعني عن الشيخ في تربية المريد ثم ترجع فنقول الوهب في العطاء هو لمجرد الإنعام وهو الذي لا يقترن به طلب معارضة إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا فهو موصل أمانة كانت بيده والكرم عطاء بعد سؤال والجود عطاء قبل السؤال والسخاء عطاء بقدر الحاجة والإيثار عطاؤك ما أنت محتاج إليه في الحال وهو الأفضل وفي الاستقبال وهو دون المعطي في الحال ولكل عطاء اسم إلهي إلا الإيثار فالله تعالى وهاب كريم جواد سخي ولا يقال فيه عز وجل مؤثر وقد قررنا أنه عالم بكل شئ فكيف يكون السخاء عطاء عن سؤال بلسان الحال وهو القائل عز وجل أعطى كل شئ خلقه فما ترك لمخلوق ما يحتاج إليه من حيث ما هو مخلوق تام فاعلم إن ثم تماما وكمالا فالتمام إعطاء كل شئ خلقه وهذا لا سؤال فيه ولا يلزم إعطاء الكمال ويتصور السؤال والطلب في حصول الكمال فإنها مرتبة والمرتبة إذا أوجدها الحق في العبد أعطاها خلقها وما هي من تمام المعطي إياه ولكنها من كماله وكل إنسان وطالب محتاج إلى كمال أي إلى مرتبة ولكن لا يتعين فإنه مؤهل بالذات لمراتب مختلفة ولا بد أن يكون على مرتبة ما من المراتب فيقوم في نفسه أن يسأل الله في أن يعطيه غير المرتبة لما هو عليه من الأهلية لها فيتصور السؤال
(٢٦٣)