الجبل العظيم فهذا من باب الغيرة والأول من باب الكمال وما ينبغي فالغيرة على الجناب الإلهي من الله الذي له الكمال المطلق ثم لتعلم أن النقص من كمال الوجود لا من كمال الصورة فتنبه فإنه دقيق لو لم يكن في الوجود نقص * لزال عن رتبة الكمال لكنه ناقص فأبدى * كماله فيه ذو الجلال فكل صنع من كل خلق * لم يخله الله من جمال لأنه راجع إليه * في كل عقد بكل حال فلا كمال ولا جمال * إلا إلى الله ذي المعال من كل شخص بكل وجه * في الفعل والحال والمقال يامن يراني بعين حق * لا تجعل الحكم للخيال لأنه عقد كل هاد * بل مهتد لا عن الضلال وإن كان كذلك فاجهد أن لا تصدر منك صورة إلا مخلقة في غاية الكمال في قول وعمل ولا يغرنك كون النقص من كمال الوجود لأن ذلك من كمال الوجود ما هو من كمال ما وجد عنك فإن جماعة من الناس زلوا في هذا الموضع لقيناهم فينتج هذا الذكر لصاحبه مشاهدة الحق عند قوله وقبوله له ومن شاهد الحفظة فمن هذا المقام شهدهم ولما أشهدنيهم الحق تعالى تعذبت بشهودهم ولم أتعذب بشهود الحق فلم أزل أسأل الله في أن يحجبهم عني فلا أبصرهم ولا أكلمهم ففعل الله معي ذلك وسترهم عن عيني وإنما لم أتعذب بشهود الحق لأنه عند شهود العبد ربه تعالى يشهده شاهد أو مشهود أو شهوده الملك ليس كذلك فإنه يشهده أجنبيا عنه ولو كان الحق بصره فإنه أعظم في الأجنبية وأشد في القلق عند صاحب هذه الصفة لأن الملك لا ينبغي أن يكون رقيبا على الله وهو رقيب فلا بد أن يكون الملك في هذه الحال محجوبا عن الله تعالى لا يشهده صفة عبده إذ لو شهدها لم يتمكن له أن يكون رقيبا عليه فلا بد لهذا العبد أن يتقلق بشهود الملك فإذا غاب عن حسه انفرد بسره بربه وأملى على الملك ما شاء أن يملي عليه فكان الله على كل شئ رقيبا والملائكة حافظون من أمر الله هذا الشخص الإنساني قال تعالى له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله فهم ملائكة تسخير تكون مع العبد بحسب ما يكون العبد عليه فهم تبع له وهذا الفارق بين توكيل السلطان على الشخص فإنه تحكم الوكلاء عليه لا يتعدى الموضع الذي حجره السلطان وحفظة الحق يتبعون العبد حيث تصرف فهو مطلق التصريف في إرادته وإن حجر عليه بعض التصرف فإنه يتصرف فيما حجر عليه ولا يستطيع الملك يمنعه من ذلك لأمرين الواحد لكون الحق قد ذهب الله بسمع هذا العبد عن قوله ويبصره عن شهوده والأمر الآخر لكون الملك الحافظ الموكل به لا يمنعه لشهوده الحق معه في تصرفه الذي أمره بحفظه فلذلك لا يحجر الملك عليه التصرف وتوكيل المخلوق ليس كذلك فإن الحاكم الذي وكل الوكلاء به ليس هو عند الموكل عليه فهذا الفارق بين حكم الوكيل الحق والوكيل المخلوق فوكلاء الخلق يحفظونه من التصرف ووكلاء الحق يحفظونه في التصرف وهذا القدر في هذا الذكر من التنبيه كاف والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الخامس والأربعون وخمسمائة في معرفة حال قطب كان هجيره واسجد واقترب) لا تطع النفس التي من شأنها * سدل الحجاب عليك واسجد واقترب لا تطمعن بها فلست من أهلها * وأجنح إلى النور المهيمن واغترب فهو الذي أعطى الوجود بجوده * فاعمل بما يعطي وجودك تقترب اعلم أيدنا الله وإياك بروح منه أن هذا الذكر يوقف العبد على حقيقته وإذا وقف على حقيقته فقد عرف نفسه وإذا عرف نفسه عرف ربه والعبد أبدا لا يطلب بحركته إلا ربه حتى يشهده عين كل شئ ومنه صدر فقد شهد صدوره وهو معه فقد شهد معيته في تصرفه فلا بد أن يطلب شهوده فيما ينتهي إليه تصرفه فهو غاية المطلب ولما كان العلو لله
(١٨٨)