الله فاتبعوني يحببكم الله أي تزينوا بزينتي يحببكم الله فإن الله يحب الجمال فأعذر الله المحبين بهذا الخبر لأن المحب لا يرى محبوبه إلا أجمل العالم في عينه فما أحب إلا ما هو جمال عنده لا بد من حكم ذلك ألا ترى إلى قوله أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فما رأى سوء العمل حسنا وإنما رأى الزينة التي زين له بها فإذا كان يوم القيامة ورأى قبح العمل فر منه فيقال له هذا الذي كنت تحبه وتتعشق به وتهواه فيقول المؤمن لم يكن حين أحببته بهذه الصورة ولا بهذه الحلية أين الزينة التي كانت عليه وحببته إلي ترد عليه فإني ما تعلقت إلا بالزينة لا به لكن لما كان محلها كان حبي له بحكم التبع فيقول الله لهم صدق عبدي لولا الزينة ما استحسنه فردوا عليه زينته فيبدل الله سوءه حسنا فيرجع حبه فيه إليه ويتعلق به فما قال الحق هذا القول أعني زين له سوء عمله إلا ليلقن عبده الحجة إذا كان فطنا فلا ينبغي للمؤمن الكيس أن يهمل شيئا من كلام الله ولا كلام المبلغ عن الله فإن الله تعالى يقول فيه وما ينطق عن الهوى وقد ذم قوما اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وهم في هذا الزمان أصحاب السماع أهل الدف والمزمار نعوذ بالله من الخذلان ما الدين بالدف والمزمار واللعب * لكنما الدين بالقرآن والأدب لما سمعت كتاب الله حركني * ذاك السماع وأدناني من الحجب حتى شهدت الذي لا عين تبصره * إلا الذي شاهد الأنوار في الكتب هو الذي أنزل القرآن في خلدي * يوم الخميس بلا كد ولا نصب إلا عناية ربي حين أرسلها * إلى فؤادي فنادتني على كثب أنت الإمام الذي ترجى شفاعته * في المذنبين وأنت السر في النصب لولاك ما عبدوا نجما ولا شجرا * ولا أتوا ما أتوا به من القرب فإن كلام المبلغ عن الله ما جاء به إلا رحمة بالسامع وهو إن كان فطنا كان له وإن كان حمارا كان عليه ولما كان الجمال يهاب لذاته والحق لا يهاب شيئا وقد وصفه العالم ص بأنه جميل والهيبة تجعل صاحبها أن يترك أمورا كان في نفسه في وقت حديث النفس أن يفعلها مع محبوبه عند الاجتماع به واللقاء فتمنعه هيبة الجمال مما حدثته به نفسه وقد وصف الله نفسه بالحياء من عبده إذا لقيه فقام الحياء لله مقام الهيبة في المخلوق فما اقتضى من حال العبد أن يؤاخذه به الله ولما لقيه استحيى منه فترك مؤاخذته ولذلك قال فيمن أخذ منهم إنهم يومئذ عن ربهم لمحجوبون فأرسل الحجاب بينهم وبينه فلم يروه فلو كانت الرؤية لكان الحياء القائم بالحق مقام الجمال في الخلق فالحكم واحد والعلة تختلف فحقق هذه الحضرة وتزين وتجمل تارة بنعتك من ذلة وافتقار وخشوع وخضوع وسجود وركوع وتارة بنعته عز وجل من كرم ولطف ورأفة وتجاوز وعفو وصفح ومغفرة وغير ذلك مما هو لله ومن زينة الله التي ما حرمها الله على عباده فإذا كنت بهذه المثابة أحبك الله لما جملك به من هذه النعوت وهو الحب الذي ما فيه منة لأن الجمال استدعاه كالمغفرة للتائب والمغفرة لغير التائب فالمغفرة للتائب ما فيها منة فإن التوبة من العبد استدعت المغفرة من الله والمغفرة لغير التائب منة محضة قال تعالى في مغفرته الواجبة فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة وغير المتقي والتائب يطلب رحمة الله ومغفرته من عين المنة فتجمل إن أردت أن ترتفع عنك منة الله من هذا الوجه الخاص ويكفيك حكم الامتنان بما وفقت إليه من التجمل بزينة الله فإن ذلك إنما كان برحمة الله كما قال فيما رحمة من الله لنت لهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (المسعر حضرة التسعير) إن المسعر رتب الأقواتا * ليبين الأحوال والأوقاتا فيميت أحياء يشاهد فعله * فينا ويحيي جوده أمواتا ويردنا بعد اجتماع نفوسنا * عند الصدور لما نرى أشتاتا والله أنبتنا بأرض وجوده * من جوده في كوننا إنباتا
(٢٧٠)