فإن لم تكن تره * وإن كنت لم تره * ومن كان حكمه * كما قلت أبصره فذاتي له وطاء * وإن شئت منظره * إذا كان في وجودي * فقد صح أقبره وإن صاحب الوجود * فقد جاء أنشره فقلوب العارفين مدافن الحق كما ظواهرهم مجاليه وإنه في نفس قلوب عباده من حيث إن قلوبهم محل العلم به ثم إنهم لا يراعون حرمته ولا يقفون عند حدوده فهو فيهم كالميت في قبره لا حكم له فيه بل الحكم للقبر فيه بكونه أكنه وستره عن أعين الناظرين كذلك حكم الطبع إذا ظهر بخلاف الشرع فإن الشرع ميت في حقه في ذلك الزمان وهكذا يظهر الحق في الرؤيا ولقد رأيت رسول الله ص في النوم ميتا في موضع عاينته بالمسجد الجامع بإشبيلية فسألت عن ذلك الموضع فوجدته مغصوبا فكان ذلك موت الشرع فيه حيث لم يتملك بوجه مشروع فاستناد الموت والدفن إلى الحق في قلوب الغافلين فهو فيها كأنه لا فيها والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (التواب حضرة التوبة) وهي الرجوع من المخالفة إلى الموافقة ألا إن المتاب هو الرجوع * فتب ترجع لتوبتك الشؤون إذا تابعت شخصا في فلاة * فأنت لما تتابعه تكون وإن كان الظهور له بوجه * فمن وجه يكون له الكمون له منا التحرك في جهات * ولي منه الإقامة والسكون وليس له سواي من معين * إذا شاء المؤيد والمعين يدعى صاحبها عبد التواب من هذه الحضرة تاب التائبون فله الرجعة الأولى ثم تاب عليهم ليتوبوا فما رجع إليهم إلا ليرجعوا وكل معلل علة الحق فإنه واقع كما أنه كل ترج من الله واقع فالرجعة الأولى من الله على العبد هي التي يعطيه الحق فيها الإنابة إليه فإذا رجع العبد إليه بالتوبة رجع الحق إليه غير الرجوع الأول وهو الرجوع بالقبول فإن الله لا يقبل معاصي عباده ويقبل التوبة والطاعات وهذا من رحمته بعباده فإنه لو قبل المعاصي لكانت عنده في حضرة المشاهدة كما هي الطاعات فلا يشهد الحق من عباده إلا ما قبله ولا يقبل إلا الطاعات فلا يرى من عباده إلا ما هو حسن محبوب عنده ويعرض عن السيئات فلا يقبلها فإن صاحب السيئة ما عملها على طريق القربة ولو عملها على طريق القربة لكان جهلا وافتراء على الله وكفرا صراحا فلا يقبلها حتى لا تكون عنده في موضع الشهود فيقع حساب العبد على ما أساء في الديوان الإلهي على أيدي الملائكة إذا أمر الحق بمحاسبته وأمر الملائكة أصحاب الديوان أن يتجاوزوا عن المتجاوزون أن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ولا بد لكل إنسان من أمر طيب يكون عليه لأنه لا بد أن يكون على مكارم خلق بأي وجه كان ومكارم الأخلاق كلها عند الله فلا بد أن يكون لكل عبد عند الله شفيع فإذا استوفى أهل ديوان المحاسبة ما بأيديهم في حق عبد من العباد وفعلوا فيه ما اقتضاه أمره معهم وفرع من ذلك ورفع الأمر إلى الله راجعا كما قال وإليه يرجع الأمر كله لا يجد العبد عند ربه إلا ما قبله منه فشكره الله على ما عنده منه فأكرمه ونعمه فيقول العبد ربي أكرمني وما عنده علم بما قبل الله منه من طيب خلق كان عليه وسواء كان في أي دار كان فإن له فيها نعيما مقيما ما دام ذلك الطيب عند الله وهو لا يزال عند الله فلا يزال هذا العبد في نعيم في نفسه وإن ظهر عند غيره أنه في عذاب فهو في نفسه في نعيم وهو أو لمراد المعتبر في هذا الأمر فإذا اتفق أن يؤخذ التائب فما يأخذه إلا الحكيم لا غيره من الأسماء فإذا لم يؤاخذ فإنما يكون الحكم فيه للرحيم فإن الله تواب رحيم بطائفة وتواب حكيم بطائفة والكل نواب الحق تعالى توبة الله أولا * تجعل العبد تائبا * فإذا تاب عبده * جعل الحق تائبا فيكون العبيد عن * صفة الحق نائبا * لم يزل حال كل من * تاب للعفو طالبا أعظم التوب أن * يكون عن التوب راغبا * فإذا كنت تائبا * كن عن الفعل جانبا
(٣٠٢)