من الإكراه حصول الكراهة في نفس العامل لذلك العمل الخارج عن ميزان الأدب دخل في حكم الميزان المأمور بالوزن به في قوله إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان وطمأنينته في هذه النازلة إنما هو بما له فيه من الكراهة فيجمع في هذا الفعل بين حب الطبع وكراهة الايمان فإن الله حبب الايمان للمؤمن وكره إليه الفسوق والعصيان مع وقوعه منه وجعلك من أهل الرشد ثم إن الله جعلهن زهرة حيث كن فإذا كن في الدنيا كن زهرة الحياة الدنيا فوقع النعيم بهن حيث كن وأحكام الأماكن تختلف فهن وإن خلقن للنعيم في الدنيا فهن فتنة يستخرج الحق بهن ما خفي عنا فينا مما هو به عالم ولا نعلمه من نفوسنا فيقوم به الحجة لنا وعلينا وهذا مقام أعطانيه الحق بمدينة فاس سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة قبل ذلك ما كان لي فيه ذوق واعلم أن المعصية لا تقع أبدا إلا عن غفلة أو تأويل لا غير ذلك في حق المؤمن وإذا وقع عين ذلك العمل من صاحب الشهود فلا يسمى معصية عند الله وإن انطلق عليه لسان الذنب في العموم فللغشاوة التي على أبصار المحجوبين فيعذرهم الله فيما أنكروه على من ظهر منه هذا الفعل وهو في نفس الأمر ليس بعاص مسألة الخضر مع موسى في قتل النفس أين حكم موسى ع فيه من حكم الخضر رضي الله عنه وكل واحد له وجه في الحق ومستند وهذا حال أهل الشهود يشهدون المقدور قبل وقوعه في الوجود فيأتونه على بصيرة فهم على بينة من ربهم في ذلك وهو مقام لا يناله إلا من كان الله سمعه وبصره ولما كانت الزهرة دليلة على الثمرة ومتنزها للبصر ومعطية الرائحة الطيبة هنا أعني في زهرة هذه المسألة كان صاحب هذا الأمر من أهل الأنفاس والشهود والأدلة ولست أعني بالأدلة أن ذلك عن فكر وإنما هو في كشفه لما جرت العادة به أن لا ينال إلا بالدليل النظري إن يعطيه الله كشفا بدليله فيعرف أدلته كما يعرفه وارتباطه بأدلته فما يحصل له من علمه بوجوه الدلالات فيكون علمه أتم من علم من يعطي علم مدلول الدليل من غير علم الدليل فما فتنهم الحق إلا بما سماه زهرة لهم فإذا لم يدرك صاحب هذه الزهرة رائحتها ولا شهدها زهرة وإنما شهدها امرأة ولا علم دلالتها التي سبقت له على الخصوص وزوجت به وتنعم بها ونال منها ما نال بحيوانيته لا بروحه وعقله فلا فرق بينه وبين سائر الحيوان بل الحيوان خير منه لأن كل حيوان مشاهد لفصله المقوم له وهذا الشخص ما وقف مع فصله المقوم له وليس الفصول المقومة للحيوانات غيره فهو لا حيوان ولا إنسان فإن كل حيوان جرى بفصله المقوم له على ما تعطيه حقيقة ذلك الفصل واعلم أن صاحب هذا الهجير يشاهد ما حير العقول ولم يقدر على تحصيله وهو العلم بالمرئي في المرآة ما هو وبالمرئي ما هو من حيث تعلق الرؤية هل ينطبع المرئي في عين الرائي أو أشعة نور البصر تتعلق بالمرئي حيث كان وما من حكم إلا وعليه دخل إلا عند صاحب هذا الذكر فإنه يعلم كيفية إدراك الرائي المرئي وما هي الرؤية ولما ذا ترجع وليس يعطيه هذا العلم من هذا الذكر إلا قوله لا تمدن عينيك ولا خوطب إلا بما علم فعلمنا على القطع أن رسول الله ص قد علم ذلك وما هو قوله لا تمدن عينيك عين قوله قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم فإن الغض له حكم آخر لأنه نقص مما تمتد العين إليه والنقص هنا أن لا يمد إلى أمر خاص أي إلى مرئي خاص فإن فهمت يا ولي ما نبهتك عليه علمت علما ينفعك في الدنيا والآخرة والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب التاسع والثمانون وأربعمائة في معرفة حال قطب كان منزله إنما أموالكم وأولادكم فتنة) الابتلاء بعين المال والولد * هو البلاء الذي ما فيه تنفيس فالمال كن فيكون الأمر أجمعه * والابن صورته والمثل تقديس به تعلق نفي المثل فاحظ به * فأصله هو سبوح وقدوس فانظر إلى خلقنا على التطابق في * أسمائه فيه تمثيل وتجنيس قال الله تعالى المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا وقال عليه الصلاة والسلام بموت ابن آدم وينقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم يبثه في الناس أو ولد صالح يدعو له فقد جمع المال والبنون زينة الحياة الدنيا وما تعطيه الباقيات الصالحات من الخير عند ربه وهو الثواب ومن الخير المؤمل وهو
(١٢٥)