فكان من أهله بل هو عين القرآن إذا كان على هذا الوصف وهو من أهل الله وخاصته فالقول كله حسن وأحسن وما ثم سوء إلا في المقول عنه ذلك هو السوء أو في المتكلم به ليس في القول ليس في القول والكلام قبيح * إنما القبح في الذي قيل عنه أو قيل أو تكلم به أو تكلم عنه فافهم ذلك وخذ الوجود كله على أنه كتاب مسطور وإن قلت مرقوم فهو أبلغ فإنه ذو وجهين ناطق بالحق وعن الحق تكن من الذين هداهم الله أي وفقهم بما أعطاهم من البيان وأولئك هم أولو الألباب الغواصون على خفايا الأمور وحقائقها المستخرجون كنوزها والحالون عقودها ورموزها والعالمون بما تقع به الإشارات في الموضع الذي تسمح فيه العبارات والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الثالث والسبعون وأربعمائة في حال قطب كان منزله وإلهكم إله واحد) بتوحيد الإله يقول قوم * وتوحيد الكثير هو الوجود ومن أسمائه الحسنى علمنا * بأن الله يفعل ما يريد فكان بنا الإله وفيه كنا * هو المولى ونحن له عبيد اعلم أيدنا الله وإياك بروح منه أن الله أمرنا بتوحيده في ألوهته فلا إله إلا هو كما نهانا عن التفكر في ذاته فعصاه أهل النظر في ذلك ممن يزعم أنه من أهل الله كالقدماء وغيرهم من المتكلمين وبعض الصوفية كأبي حامد وغيره في مضنونه وغير مضنونه واحتجوا بأمور هي عليهم لا لهم وبعد استيفاء النظر أقروا بالعجز فلو كان ثم علم وإيمان حق وصدق لكان ذلك في أول قدم فتعدوا حدود الله التي هي أعظم الحدود وجعلوا ذلك التعدي قربة إليه ولم يعلموا أن ذلك عين البعد منه وعند كشف الغطاء يظهر من أعطى ومن أعطى سوف ترى إذا انجلى الغبار * أفرس تحتك أم حمار فالصورة صورة فرس والخبرة خبرة حمار هذا الذكر يعطي الذاكر به رجاء عظيما وفتحا مبينا وذلك أن الله تعالى خاطب في هذه الآية المسلمين والذين عبدوا غير الله قربة لي الله فما عبدوا إلا الله فلما قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى فأكدوا وذكروا العلة فقال الله لنا إن إلهكم والإله الذي يطلب المشرك القربة إليه بعبادة هذا الذي أشرك به واحد كأنكم ما اختلفتم في أحديته فقال وإلهكم فجمعنا وإياهم إله واحد فما أشركوا إلا بسببه فيما أعطاهم نظرهم ومن قصد من أجل أمر ما فذلك الأمر على الحقيقة هو المقصود لا من ظهر أنه قصد كما يقال من صحبك لأمر أو أحبك لأمر ولي بانقضائه ولهذا ذكر الله أنهم يتبرءون منهم يوم القيامة وما أخذوا إلا من كونهم فعلوا ذلك من نفوسهم لا أنهم جهلوا قدر الله في ذلك ألا ترى الحق لما علم هذا منهم كيف قال وإلهكم إله واحد ونبههم فقال قل سموهم فيذكرونهم بأسمائهم المخالفة أسماء الله ثم وصفهم بأنهم في شركهم قد ضلوا ضلالا بعيد أو مبينا لأنهم أوقعوا أنفسهم في الحيرة لكونهم عبدوا ما نحتوا بأيديهم وعلموا أنه لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنهم من الله شيئا فهي شهادة من الله بقصور نظرهم وعقولهم ثم أخبرنا الله أنه قضى أن لا نعبد إلا إياه بما نسبوه من الألوهة لهم أي جعلوهم كالنواب لله والوزراء كان الله استخلفهم ومن عادة الخليفة أن يكون في رتبة من استخلفه عند المستخلف عليه فلهذا نسبوا الألوهة لهم ابتداء من غير نظر فيمن جعل ذلك وقول من قال أجعل الآلهة إلها واحدا إنما كان من أجل اعتقادهم فيما عبدوه إنهم آلهة دون الله المشهود له عندهم بالعظمة على الجميع فأشبه هذا القول ما ثبت في الشرع الصحيح من اختلاف الصور في التجلي ومعلوم عند من يشاهد ذلك أن الصورة ما هي هذه الصورة وكل صورة لا بد أن يقول المشاهد لها إنها الله لكن لما كان هذا من عند الله وذلك الآخر من عندهم أنكر عليهم التحكم في ذلك كما ثبت في قوله تعالى فأينما تولوا فثم وجه الله هذا حقيقة فوجه الله موجود في كل جهة يتولى أحد إليها ومع هذا لو تولى الإنسان في صلاته إلى غير الكعبة مع علمه بجهة الكعبة لم تقبل صلاته لأنه ما شرع له إلا استقبال هذا البيت الخاص بهذه العبادة الخاصة فإذا تولى في غير هذه العبادة التي لا تصح إلا بتعيين هذه الجهة الخاصة فإن الله يقبل ذلك التولي كما
(١٠٦)