إلا سيده ولهذا يسمى الترمذي الحكيم الحق سبحانه ملك الملك غير سيده ما يملك عبد فإن العبد في كل حال يقصد سيده فلا يزال يصرف سيده بأحواله في جميع أموره ولا معنى للملك إلا التصريف بالقهر والشدة ومهما لم يقم السيد بما يطلبه به العبد فقد زالت سيادته من ذلك الوجه وأحوال العبد على قسمين ذاتية وعرضية وهو بكل حال منها يتصرف في سيده والكل عبيد الله فمن كان دنئ الهمة قليل العلم كثيف الحجاب غليظ القفا ترك الحق وتعبد عبيد الحق فنازع الحق في ربوبيته فخرج من عبوديته فهو وإن كان عبدا في نفس الأمر فليس هو بعبد مصطنع ولا مختص فإذا لم يتعبد أحدا من عباد الله كان عبدا خالصا لله فتصرف في سيده بجميع أحواله فلا يزال الحق في شأن هذا العبد خلاقا على الدوام بحسب انتقالاته في الأحوال قال ص خادم القوم سيدهم لأنه القائم بأمورهم لأنهم عاجزون عن القيام بما تقتضيه أحوالهم فمن عرف صورة التصريف عرف مرتبة السيد من مرتبة العبد فيتصف العبد بامتثال أمر سيده والسيد بالقيام بضرورات عبده فلا يتفرع العبد مع ما قررناه من حاله مع حال سيده إن بقتنى عبدا يتصرف فيه لأنه يشهد عيانا إن ذلك العبد الآخر يتصرف في سيده تصرفه فيعلم أنه مثله عبد لله وإذا كان عبدا لله لم يصح أن يتعبده هذا العبد فما ملك عبد إلا بحجاب لقيت سليمان الدنبلي فأخبرني في مباسطة كانت بيني وبينه في العلم الإلهي فقلت له أريد أن أسمع منك بعض ما كان بينك وبين الحق من المباسطة فقال نعم باسطني يوما في سري في الملك فقال لي إن ملكي عظيم فقلت له ملكي أعظم من ملكك فقال لي كيف تقول فقلت له مثلك في ملكي وليس مثلك في ملكك فمن أعظم ملكا فقال صدقت أشار إلى التصريف بالحال والأمر وهو ما قررناه فإذا علمت هذا علمت قدرك ومرتبتك ومعنى ربوبيتك وعلى من تكون ربا في عين عبد وهو بالعلم قريب وبالحال أقرب وألذ في الشهود والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الخمسون وأربعمائة في معرفة منازلة من ثبت لظهوري كان بي لأنه سبحانه كان به لا بي وهو الحقيقة والأول مجاز) إذا ثبت العبد في موطن * فإن الإله هو الثابت إذا قلت يا رب هب لي كذا * وأعطاكه فهو القانت إذا لم يكن غيره عيننا * فبالله قل لي من المائت ترجم عنه لسان بدا * فهو به الناطق الساكت ولم يبق للعبد من عينه * لوحدته نفس خافت وليس له في الورى حاسد * إذا كان هذا ولا شامت إذا جئت ليلا إلى منزلي * وبت به فمن البائت هو الحق بنطق في كونه * بما شاءه وأنا الصامت فلولا اللجين وأمثاله * لما فضل العسجد الصامت تعجبت منه ومن عزه * إذا نكت العالم الناكت وليس يغار على عرضه * فعبد الإله هنا الباهت قال الله عز وجل كل شئ هالك إلا وجهه اعلم أن عباد الله الذين أهلهم الله له واختصهم من العباد على قسمين عباد يكونون له به وعباد يكونون له بأنفسهم وما عدا هؤلاء فهم لا نفسهم بأنفسهم ليس لله منهم شئ فلا كلام لنا مع هؤلاء فإنهم جاهلون ونعوذ بالله أن نكون من الجاهلين فأما العباد الذين هم له تعالى بأنفسهم فهم الذين تحققوا بقوله تعالى وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون فهم العبيد الصم الشداد الأشداء الرحماء بينهم وعلامتهم الاتصاف بجميع الأحوال من فناء وبقاء ومحو وإثبات وغيبة وحضور وجمع وفرق إلى ما يقبله الكون من الأحوال وكذلك من نعوتهم التي تنسب إلى المقامات المذكورة من توكل وزهد وورع ومعرفة ومحبة وصبر وشكر ورضاء وتسليم إلى سائر
(٦٤)