الحديث فحجاب النور من هذه الحجب واحد والظلم الحجابية ما بقي من هذا العدد فهو عين الحجاب عليك وهو المحتجب فيه فبنفسه احتجب فالنور لا يرى أبدا والظلمة وإن حجبت فإنها مرئية للمناسبة التي بينها وبين الرائي فإنه ما ثم ظلمة وجودية إلا ظلمة الأكوان وكان ص يسأل الله في دعائه أن يجعله نورا لما علم إن الله هو النور وعلم إن النور الأدنى يندرج في النور الأعلى وعلم إن الحق هو جميع ما يكون به العبد عبدا من جميع الوجوه وأنه من حيث هويته لا نعت له ولا صفة فعلم إن نسبة النعتية إليه والصفة ما هو غير الحق لا من حيث صفة الحق بل من هويته ولا يذكر العبد بهويته وإنما يذكر بما يقوم به من الصفات وليست إلا هوية الحق فقوله واجعلني نورا عين قوله واجعلني أنت وأنت لا يكون بالجعل فقال له أقمني في علم شهود أني أنت حتى أتميز عن غيري من هويات العالم فأعلمهم وأعلم من أنا وهم لا يعلمون وإذا كان الأمر على هذا فما اندرج نور في نور وإنما هو نور واحد في عين صورة خلق فانظر ما أعجب هذا الاسم فالخلق ظلمة ولا يقف للنور فإنه ينفرها والظلمة لا ترى النور وما ثم نور إلا النور الحق فلهذا قال ص نور إني أراه فإنه ما رآه مني إلا هويته وظلمتي لا تدركه وهذا سر خفي عن إدراك الأدلة النظرية وعن إدراك الشهود في الصور وهو من أسنى العلوم الإلهية الواضحة فلم يدركها من العبد إلا هو فهو العلم والعالم والمعلوم في هذه المسألة ولما فصل الإضافة إلى السماوات وهو ما غاب من القوي وعلا وإلى الأرض وهو ما ظهر من القوي الحسية ودنا قال الله تعالى إنه عين نفورها عن ذاتها فلم يشهد إلا هو فهو عين السماوات والأرض ولم نقل كما قال فيه المفسر معناه منور أو هاد فذلك له اسم خاص وهو الهادي الذي هداهم لإباية حمل الأمانة وإلى الإتيان بالطاعة لأمره فهو من باب إجابة الأسماء للأسماء إذا دعا بعضها بعضا فذلك علم آخر إلهي وأما هنا فما قال إلا أنه نور السماوات والأرض والنور النفور ويؤيد ذلك التشبيه بالمصباح على الوصف الخاص فإن مثل هذا النور المصباحي ينفر ظلمة الليل بل هو عين نفور ظلمة الليل مع بقاء الليل ليلا فإنه ليس من شرط وجود الليل وجود الظلمة وإنما عين الليل غروب الشمس إلى حين طلوعها سواء أعقب المحل نور آخر سوى نور الشمس أو ظلمة فوقع الغلط في ماهية الليل ما هي ولهذا قال و الليل إذا سجى فلو كان عين الليل عين الظلمة ما نعته بأنه أظلم فقد يكون الليل ولا ظلمة كما أنه قد يكون النهار ولا ضوء فإن النهار ليس إلا زمان طلوع الشمس إلى غروبها وإن طلعت مكسوفة فلا يزول الحكم عن كون النهار موجودا فإن قيل ما سمي النهار نهارا إلا لاتساع الضوء فيه قلنا وإن كان فلا يقدح فيما ذهبنا إليه من ماهية النهار فإن ذلك الكسوف أمر عارض لا يقدح في طلوع الشمس ولو أظلمت في نفسها فكيف وعلة الكسوف لها معلوم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب السابع والعشرون وأربعمائة في معرفة منازلة قاب قوسين) ما قاب قوسين إلا قطر دائرة * تعطي التميز بين الكون والله فمن يعاين عينا لا تغايرها * عين فذاك دنو العالم الساهي وهو الذي فيه أو أدنى وفيه له * أسرار علم ولا تدري النهي ما هي الشك يظهر في سلطان أو فلها * حكم المقرب ذي السلطان والجاه فهذه آية في النجم قد تزلت * دلت على كون أمثال وأشباه وكل من جئته يدريه مختبرا * عقدا وفعلا لدى التعيق والباه وذاك حين تجلى صورة دائرة * يقول باللفظ أنت الآمر الناهي قال الله تعالى فكان قاب قوسين أو أدنى إشارة إلى التقريب الصوري ورد في الخبر النبوي أن رسول الله ص يقول لو دليتم بحبل لهبط على الله وقال تعالى الرحمن على العرش استوى وقال ص ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة في الثلث الباقي من الليل الحديث فحير العقول الضعيفة ونبه العقول المعتكفة على باب حضرته فعلمت ما أراد ولو استزدته لزاد كما قال ثم دنا في إسراءه إلى السماوات ليريه من آياته فتدلى فقوى ذلك منبها ومشيرا على أنه عين الحبل الوارد المذكور في الخبر فدل إن نسبة الصعود والهبوط على السواء في حقه فجمع بين خبر صاحب الحوت
(٣٩)