وعلم من أين وقع ما وقع فاستقام كما أمر فالله يهدينا صراط من أنعم عليه من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب التاسع والثلاثون وخمسمائة في معرفة حال قطب كان منزله ففروا إلى الله) كل من فر إلى الله أصاب * والذي فر من الرحمن خاب استوى عيش الذي قربه * وإليه وحلا فيه وطاب لو ترى حال الذي أشهده * عينه حين تجلى في السراب لرأيت الري من أرجائه * خارجا والساقي من خلف الحجاب كان ظمآنا فلما جاءه * لم يزل صاحب كأس وشراب لم يجده ماء مزن سائغا * إنما كان وجود ثم غاب ما حياة الماء إلا عينه * والذي خالف فيه ما أصاب موسى ع لما فر من فرعون حين خاف من الله أن يسلطه عليه لأن الله فعال لما يريد فوهبه الله حكما وهي الرسالة فجعله من المرسلين إلى من خاف أن يسلط عليه وهو فرعون فإذا أنتج له هذا الفرار من المخلوق خوفا على نفسه فأين أنت من المحمدي الذي أمرك أن تفر إلى الله فقيدك بحرف الغاية في القصد الأول فربط لك البداية بالنهاية فقال لنا ففروا إلى الله فالموسوي يفر من والمحمدي يفر إلى عن أمر الله تعالى إياه بذلك الفرار فما أكمل شرعه وما أعلى رتبته والحكم منقطع والرسالة منقطعة ولذلك قال رسول الله ص إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبي فيزول الحكم المشروع بزوال الدنيا ويرجع الحكم إلى الله الذي نفر إليه بلا واسطة فالذي ينتج الفرار إليه لا يقدر قدره فإنه كشف محمدي يربي على كشف الرسل من حيث هم رسل ع فيثبتهم هذا الفار في أماكنهم ويجوز بكشفه فوق رتبة خطاب التكليف فيرى أحدية العين فيقف معها ومنها يستشرف على أحدية الكثرة فيرى أيضا نفسه هناك معهم في أحدية الكثرة فيأمرها على بينة من ربه وبصيرة أن تنتظم في سلك المكلفين فتنصرف النفوس المحسوسة هنا من هؤلاء الفارين إلى الله عن أمرهم فتراهم معصومين محفوظين فالرسل منهم معصومون في خلافهم والأولياء محفوظون في خلافهم فللرسل التشريع وللأولياء الانفعال بحسب ما يشهدونه هنالك فيكونون في خلافهم على بصيرة ولا يدعون إليه وإنما يدعون إلى الله كما تفعل الرسل ع قال الله تعالى لنبيه أن يقول أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني فما أفرد نفسه بل ذكر اتباعه معه فإنهم لا يكونون أتباعه إلا حتى يكونوا على قدمه فيشهدون ما يشهد ويرون ما يرى فخدوا من العلماء بالله الدعاة إلى الله ما يقولون ولا تنظروا إلى أفعالهم وأحوالهم فإنهم على ما عين الحق لهم غير ذلك لا يكون قال بعض الصالحين في جلساتهم من جالسهم وخالفهم في شئ مما يتحققون به نزع الله نور الايمان من قلبه فليس لجلسائهم إن يفعلوا مثل أفعالهم وإنما عليهم إنهم لا ينازعونهم فيما يظهر عليهم من علم الحقيقة فإن أحوالهم تجري عليها ولذلك قال نزع الله نور الايمان من قلبه فلا يصدقهم فيما يخبرون به عن الحق وهم بهذه المثابة من القرب من الله والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الموفي أربعين وخمسمائة في معرفة حال قطب كان منزله ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم) اركن إلى الله لا تركن إلى السبب * واجنح إلى السلم لا تجنح إلى الحرب فانظر إلى كل ما في الكون من عجب * يأتيك سهلا بلا كد ولا نصب إذا اعتمدت على الرحمن فيه فكن * في كل حال مع الرحمن في السبب فكن به لا تكن فيه بكم فترى * ما شئت من صور فيه ومن سبب فإن دعاك إلى ما أنت تجهله * فلا تجبه فإن العلم في النسب
(١٨٣)