حضرة المحسان إحسان * وهو في التحقيق إنسان ولذا من الشهور له * ما يقال فيه نيسان إذا رأيت الذي بالفعل تعبده * فأنت صاحب إحسان وإيمان وإن جهلت ولم تعلم برؤيتكم * إياه فاعمل على إحسانه الثاني وإنما جمع الرحمن بينهما * لكي يقابل إحسانا بإحسان والكل من عنده إن كنت تعرفه * ولست أعرفه إلا إن أغناني طال انتظاري لما يأتيه من قبلي * قولا وفعلا وهذا الأمر أعياني يدعى صاحبها عبد المحسن وإن شئت عبد المحسان قال جبريل ع لرسول الله ص ما الإحسان فقال رسول الله ص الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإنك إن لا تراه فإنه يراك وفي رواية فإن لم تكن تراه فإنه يراك فأمره أن يخيله ويحضره في خياله على قدر علمه به فيكون محصورا له وقال تعالى هل جزاء الإحسان إلا الإحسان فمن علم قوله إن الله خلق آدم على صورته وعلم قوله ع من عرف نفسه عرف ربه وعلم قوله تعالى وفي أنفسكم أفلا تبصرون وقوله سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم علم بالضرورة أنه إذا رأى نفسه هذه الرؤية فقد رأى ربه بجزاء الإحسان وهو أن تعبد الله كأنك تراه إلا الإحسان وهو أنك تراه حقيقة كما أريته نفسك فالصورة الأولى الإلهية في العبادة مجعولة للعبد من جعله فهو الذي أقامها نشأة يعبدها عن أمره عز وجل له بذلك الإنشاء فجزاؤه أن يراه حقيقة جزاء وفاقا في الصورة التي يقتضيها موطن ذلك الشهود كما اقتضى تجليه في الصورة الإلهية المجعولة من العبد في موطن العبادة والتكليف فإن الصور تتنوع بتنوع المواطن والأحوال والاعتقادات من المواطن فلكل عبد حال ولكل حال موطن فبحاله يقول في ربه ما يجده في عقده وبموطن ذلك الحال يتجلى له الحق في صورة اعتقاده والحق كل ذلك والحق وراء ذلك فينكر ويعرف وينزه ويوصف وعن كل ما ينسب إليه يتوقف فحضرة الإحسان رؤية وشهود والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الدهر حضرة الدهر) الدهر عين الزمان * وما لديه أمان * فإن يكن عين قلبي * فليس إلا العيان إذا كان دهري عين ربي فإنه * قديم وما دهري يحد بأزمان وما سبه إلا جهول بقدره * ذليل فقير ذو جفاء ونقصان ولو كان علا ما به وبفعله * لجوزي بما جوزي به بخل عدنان وكان لذاك العلم صاحب مشهد * يراه عيانا ذا بيان وتبيان فسبحان من أحياه بعد مماته * ونعمه منه لهيب ببركان يدعى صاحبها عبد الدهر وقال رسول الله ص لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر فجعل الدهر هوية الله فصدق القائلون في قولهم وما يهلكنا إلا الدهر فإنه ما يهلكهم إلا الله فإنهم جهلوا في قولهم ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا أي نحيي فيها ثم نموت وصدقوا في قولهم بعد ذلك وما يهلكنا إلا الدهر فصدقوا فإن الدهر هو الله وجهلوا في اعتقادهم فإنهم ما أرادوا إلا الزمان بقولهم الدهر فأصابوا في إطلاق الاسم وأخطئوا في المعنى وهم ما أرادوا إلا المهلك فأصابوا في المعنى ووافقوا الاسم المشروع توفيقا من الله ولم يقولوا الزمان أو ربما لو قالوا الزمان لسمى الله نفسه بالزمان كما سمي نفسه بالدهر والدهر عبارة عما لا يتناهى وجوده عند مطلقي هذا الاسم أطلقوه على ما أطلقوه فالدهر حقيقة معقولة لكل داهر وهو المعبر عنه بحضرة الدهر وهو قولهم لا أفعل ذلك دهر الداهرين وهو عين أبد الآبدين فللدهر الأزل والأبد أي له هذان الحكمان لكن معقولية حكمه عند الأكثر في الأبد فإنهم اتبعوه الأبد فلذلك يقول القائل منهم دهر الداهرين وقد يقول بدله أبد الآبدين فلا يعرفونه إلا بطرف الأبد لا بطرف الأزل ومن جعله
(٢٦٥)