فإن الظالم لنفسه ما خرج عن ربه حتى يرجع إليه فإنه من المصطفين فالظالم نفسه يجئ للحق المشروع له الذي ظهر الرسول في حياته بصورته ولذلك كان يقال له رسول الله في التعريف ما كان يقال له محمد فقط وكذلك أخبر الله في قوله محمد رسول الله وقال ولكن رسول الله وخاتم النبيين فإذا جاء الظالم إلى الحق المشروع الذي بأيدينا اليوم فإن تجسد له في الصورة المحمدية فيعلم أنه من أصحاب هذا الذكر إما في النوم أو في اليقظة كيف كان وإن لم يتجسد له فما هو ذلك الرجل فإذا تجسد له فلا يخلو أن يستغفر الله هذا الظالم نفسه أو لا يستغفر الله فإن استغفر الله ولم ير صورة الرسول تستغفر له فإنه بالمؤمنين رؤوف رحيم فيعلم عند ذلك أنه ما استغفر الله فإن استغفاره الله في ذلك الموطن يذكر النبي ص بالاستغفار لله في حقه فيجد الله عند ذلك توابا رحيما وقد ظلمت نفسي وجئت إلى قبره ص فرأيت الأمر على ما ذكرته وقضى الله حاجتي وانصرفت ولم يكن قصدي في ذلك المجئ إلى الرسول إلا هذا الهجير وهكذا تلوته عليه ص في زيارتي إياه عند قبره فكان القبول وانصرفت وذلك في سنة إحدى وستمائة فقد أعلمتك كيف يجئ الظالم نفسه والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الثالث والخمسون وخمسمائة في معرفة حال قطب كان منزله والله من ورائهم محيط) إن الإحاطة للرحمن تحديد * مع الوراء ويقضي فيه تجريد فمن تجرد عن أكتاف نشأته * لم يقض في عقله لله تحديد الله أنزه أن يقضى عليه بما * يرده لجلال الله تحميد كماله من وجوه الكون أجمعه * تسبيح حمد وتهليل وتمجيد قال الله تعالى وإن من شئ إلا يسبح بحمده لما كان الحق عين الوجود لذلك اتصف بالإحاطة بالعالم وإنما جعل الله الإحاطة بالوراء للحفظ الإلهي وذلك لما جعل له عينين وجعلهما في وجهه الذي هو الإمام منه والجنبات وكل ذلك كان الواقع المسمى عادة ولم يكن للوراء سبب يقع به الحفظ لهذا المذكور فحفظه الله بذاته ولم يجعل له سببا يحفظه به سواه فحصلت نشأة الإنسان بين إمامه وإمام الحق فما قابلة كان شهادة وما كان وراءه كان غيبا له فهو من أمامه محفوظ بنفسه ومن خلفه محفوظ بربه وليس وراء الله مرمى ولو لم يكن الحق من ورائهم محيطا لاخذ الإنسان من ورائه فآمن مما يحذره واعتمد على حفظه بما شاهده من إمامه فحصل له الأمان من إمامه غيبا وشهادة وحصل له الأمان من ورائه إيمانا فإن أخذه الله من أي ناحية أخذه من مأمنه وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة أخذها من ورائها وأما الإحاطة العامة فهي الأخذ الكلي وهو قوله والله محيط بالكافرين من غير تقييد بجهة خاصة لكن هو أخذ بتقييد صفة وهو الكفر وليس سوى الستر فأشبه الوراء لأنه لا يدركه الإنسان فما رأينا أخذ الإحاطة يكون عن شهود أينما ورد فإذا أخذ الله من أخذ من أوليائه لا يأخذه إلا من ورائه لئلا يفجأه فهو يأخذه برفق حتى لا يشعر فإذا أخذ بذلك أنس لما يجد فيه من اللذة لأنه لا عن مشاهدة تفنيه ولذلك أضرب بأداة بل عن الأول فقال بل هو قرآن مجيد أي جمع شريف يعني ما هو عليه من الأسماء والنعوت في لوح محفوظ وهو أنت إشارة واعتبار أو أنت لست منك في جهة وإن كانت الجهات فيك وما ثم سواك فانتفى الوراء لهذا الإضراب ولم ينتف بوجه فإنه عينك وما بقي في الوجود سوى عين واحدة وهو أنت فتنبه لما أومأنا إليه في هذا الإضراب والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الرابع والخمسون وخمسمائة في معرفة حال قطب كان منزله ولا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا) لا تحسبن رجالا يفرحون بما * أتوا وليس لهم فيما أتوا قدم ويفرحون بحمد الخلق فيه وما * لهم من الفعل إلا الفقد والعدم وذاك هجير ختم الأولياء ومن * يكن له مثل هذا الوصف ينعدم
(١٩٣)