مؤخرا إلا بالقصد ولا مقدما إلا بالقصد وكل من ما جاء من ذلك بحكم التضمين فما هو من هذه الحضرة من هذا الوجه وهو منها من هذا الوجه الآخر الذي له التأخر لا بالحكم فاجتمع المقصود مع غير المقصود في نفس التأخر والتقدم فلهذا جاء المقدم والمؤخر في الأسماء الحسنى مزدوجا (الأول حضرة الأولية) سبحان من جمع العباد لذكره * يوم العروبة فاصطفاه الأول ختم الإله به وجود عباده * شرعا وعقلا سادتي فتأولوا ما قلته فلقد أتيت بحكمة * غرا جلاها المقام الأنزل لما تواضع عن علو مكانه * في ذاته أخفاه عنا الأسفل فهو المهيمن لا أشك وإنه * لهو الجواد على العباد المفضل يدعى صاحبها عبد الأول ويكنى غالبا أبو الوقت لما حصل في النفوس من تقدم الزمان المسمى دهر الذي تفصله الأوقات فكانت كنية عبد الأول أبا الوقت كما كانت كنية آدم أبو البشر فالأول للأوقات أب لها كآدم لسائر الناس فالحضرة الأولية بها ظهر كل أول من أشخاص كل نوع كآدم في نوع الإنسان وكجنة عدن من الجنات وكالعقل الأول من الأرواح وكالعرش من الأجسام وكالماء من الأركان وكالشكل المستدير من الأشكال ثم ينزل الأمر إلى جزئيات العالم فيقال أول من تكلم في القدر بالبصرة معبد الجهني وأول من رمى بسهم في سبيل الله سعد ابن أبي وقاص وأول شعر قيل في العالم الإنساني تغيرت البلاد ومن عليها * فوجه الأرض مغبر قبيح ويعزى هذا الشعر لآدم ع لما قتل قابيل أخاه هابيل فقال ع ما من قتيل يقتل ظلما إلا كان على ابن آدم كفل من الوزر لأنه أول من سن القتل ظلما ولنا جزء في الأوليات وهو جزء بديع عملته بملطية من بلاد يونان أو بمكة والله أعلم وأول بيت وضع للناس معبدا الكعبة وأول اسم إلهي في الرتبة الاسم الحي والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الآخر حضرة الآخر) والله ما الأول والآخر * إلا لحفظ العالم الدائر فإنه يعجز عن حفظه * لوصفه المخلوق بالقاصر فكان بالآخر حفظا له * ليلتقي الواحد بالآخر فأمرنا دائرة كله * فالتحق الأول بالآخر وإنه جلى لنا ذاته * في صورة الباطن والظاهر يدعى صاحبها عبد الآخر وحده من الثاني الذي يلي الأول إلى ما تحته فهو المسمى بالآخر لأن له حكم التأخر عن الأولية بلا شك وإن استحق الأولية هذا المتأخر فما تأخر عن الأول إلا لأمر أيسره وأبينه الزمان لأن وجود الأهلية فيه من جميع الوجوه فيعلم إن الحكم في تأخيره وتقدم غيره للزمان كخلافة أبي بكر وعمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عن جميعهم فما منهم واحد إلا وهو مترشح للتقدم والخلافة مؤهل لها فلم يبق حكم لتقدم بعضهم على بعض فيها عند الله لفضل يعلم تطلبه الخلافة فما كان إلا الزمان فلما كان في علم الله أن أبا بكر يموت قبل عمر وعمر يموت قبل عثمان وعثمان يموت قبل علي رضي الله عن جميعهم والكل له حرمة عند الله فجعل خلافة الجماعة كما وقع فقدم من علم إن أجله يسبق أجل غيره من هؤلاء الأربعة فما قدم من قدم منهم لكونه أكثر أهلية من المتأخر منهم في نظري والله أعلم فالظاهر أنه من كون الآجال فإنه لو بويع خليفتان قتل الآخر منهما للنص الوارد فلو بايع الناس أحد الثلاثة دون أبي بكر ولا بد في علم الله أن يكون أبو بكر خليفة وخليفتان فلا يكون فإن خلع أحد الثلاثة وولي أبو بكر كان عدم احترام في حق المخلوع ونسب الساعي في خلعه إلى أنه خلع من يستحقها ونسب إلى الهوى والظلم والتعدي
(٢٩٨)