وعصيهم يخيل إلى موسى من سحرهم أنها تسعى الذي سحروا به أعين الناس فتلك حبال نشأت بين الخيال وبين أعين الناظرين كصورة السماء في المرآة فما هي السماء ولا غير السماء فإنك تعلم قطعا إن الجرم الذي رأيت في المرآة أقل من جرم السماء وأكبر من جرم المرآة وتعلم قطعا إنك ما رأيت إلا السماء عينها فلهذا جعلنا الحكم للمواطن فلا يجئ من العالم أمر يسمى خرق عادة إلا بإذن الله فبغير إذن الله ما يصح ولهذا ما يكون من كل أحد ظهور ذلك وإن كنا نعلم أنه ما يحدث صورة في العالم إلا والحياة تصحبها وهي روحها وبذلك الروح تكون تلك الصورة مسبحة فالروح تسبح الله تعالى والصورة مسبحة بالروح ربها تعالى فقد علمت الذي أقول * ولست تدري الذي يقول ولست أدري الذي نقول * فإنه الناطق القوول وهذا القدر كاف والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الخامس والسبعون وأربعمائة في معرفة حال قطب كان منزله ومن يعظم شعائر الله) شعائر الله أعلام لنا نصبت * لنعلم الفرق بين الحق والخلق وهي الحدود التي قامت برازخها * وقاية للذي يقول بالفرق فمن يعظمها كانت وقايته * وهو الذي يتقي الأشياء بالحق الله دون الخلق له من منزلة * يوم الوفود تسمى مقعد الصدق يحوزها بالذي حاز السباق لها * لما جرى معهم في حلبة السبق يفنى ويبقى الذي يدعوه متصفا * أسماؤه عندنا بالمفني والمبقي قال الله تعالى في تعظيمها لا بل فيها إنها من تقوى القلوب لكم فيها يعني الشعائر منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق وهو بيت الايمان عند أهل الإشارات وليس إلا قلب المؤمن الذي وسع عظمة الله وجلاله شعائر الله أعلامه وأعلامه الدلائل عليه الموصلة إليه ويا عجبا كيف يصل إليه وهو عنده كما قال أبو يزيد وقد سمع قارئا يقرأ يوم نحشر المتقين إلى الرحمن ووفدا فصاح وبكى حتى طار الدم من عينيه وضرب المنبر وقال كيف يحشر إليه من هو جليسه فصدق الله في الكمال فإن المتقي ما يتقي الرحمن وصدق أبو يزيد فإنه ما كان مشهوده في الحال إلا الرحمن والولي لا يتعدى ذوقه ولا ينطق بغير حاله ويرد كل شئ يسمع إلى الحال الذي يغلب عليه وكان حال أبي يزيد في ذلك الوقت هو الذي نطق به فالمرء مخبوء تحت لسانه فإن اللسان ترجمان أحوال الناطق ثم اعلم أن البدن جعلها الله من شعائره ولهذا تشعر ليعلم أنها من شعائر الله وما وهب لله لا رجعة فيه ألا تراها إذا ماتت قبل الوصول إلى البيت كيف ينحرها صاحبها ويخلي بينها وبين الناس ولا يأكل منها شيئا فهذا من منة الله حيث جعلك مثلا وميزك عنه وجعل لك ملكا وطلب منك أن تقرضه والنعمة بالأصالة نعمته وهذه كلها من شعائر الله فإن كل شعيرة منها دليل على الله من حيث أمر ما خاص أراده الله وأبانه لأهل الفهم من عباده فيتفاضلون في ذلك على قدر فهمهم فإذا رأيت ما يقال فيه إنه من شعائر الله وتجهل أنت صورته في الشعائر ولا تعلم ما تدل عليه هذه الشعيرة فاعلم إن تلك الشعيرة ما خاطبك الحق بها ولا وضعها لك وإنما وضعها لمن يفهمها عنه ولك أنت شعيرة أيضا غيرها وهي كل ما تعرف أنها دلالة لك عليه كما قال أبو العتاهية وفي كل شئ له آية * تدل على أنه واحد فقف عندها وقل رب زدني علما فيقوي فهمك فيما أنزله ويعلمك ما لم تكن تعلم فإذا أمكنك الحق من نفسك علمت أنك من أقوى الشعائر عليه وأوضحها ولهذا جاءت الشريعة بقولها من عرف نفسه عرف ربه فإذا وصلت إلى ما أوصلتك إليه شعائر نفسك وشاهدت المشعور رأيته على صورتك فمن هناك تعلم أنك الأصل في علمه بك وأنه ما تجلى لك إلا في صورة علمه بك ولا كان عالما بك إلا منك وأنت بذاتك أعطيته لعلم بك فأنت الشعيرة له عليك فإن
(١٠٩)