لك حالك عند ذلك من الصدقات تقدمها بين يدي قراءتك الحديث كانت ما كانت فقد أوسع الله عليك في ذلك فلم يبق لك عذر في التخلف بعد أن أعلمك ص بأنواع الصدقات فقدم منها بين يدي نجواك ما أعطاه حالك بلغ ما بلغ وحينئذ تشرع في قراءة الحديث النبوي وإياك أن تحشر يوم القيامة مع المصورين الذين يصورون ذوات الأرواح من الحيوانات فإنك إن صورت صورة من صور الحيوانات تبعها روحها من عند الله من حيث لا تشعر بذلك في الدنيا فإذا كان في الآخرة يجعل الله لكل مصور في النار بكل صورة صورة نفسا تعذبه في نار جهنم فإن الخلق من اختصاص الله فمن نازعه في خلقه فإنه يعذبه بما خلق من ذلك والخلق لله لا إليه إذ لم يكن بإذن الله كخلق عيسى ع الطير من الطين بإذن الله ونفخ فيه الروح بإذن الله فلو أذن الله للمصور في ذلك لكان طاعة فعل ذلك فاعلم إن كل نفس بما كسبت رهينة (وصية) واحذر أن تكفر أحدا من أهل القبلة بذنب فقد ثبت أنه من قال لأخيه كافر فقد باء به أحد هما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه ومعنى الرجوع عليه أنه هو الكافر فإنه من كفر مسلما لإسلامه فهو كافر يقول الله تعالى وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء فقال الله تعالى فيهم ألا إنهم هم السفهاء والسفيه هو الضعيف الرأي يقولون إنهم ما آمنوا إلا لضعف رأيهم وعقلهم فجاز ذلك عليهم لقول الله ألا إنهم هم السفهاء أي هم الذين ضعفت آراؤهم فحال ذلك الضعف بينهم وبين الايمان ولكن لا يعلمون فتحفظ من الكلام القبيح وهو أن تنسب صفة مذمومة لأخيك المؤمن وإن كانت فيه لا في حضوره ولا في غيبته فإنك إن واجهته بذلك فقد عيرته فما تأمن أن يعافيه الله من تلك الصفة ويبتليك بها وقد ورد لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك وإن كان غائبا فهي غيبة وقد نهاك الله عن الغيبة فإنك إذا ذكرته بأمر هو فيه مما يسؤه لو قابلته به فقد اغتبته وإن نسبت إليه من القبيح ما ليس فيه فذلك البهتان ولا بد أن تجني ثمرة غرسك إلا أن يعفو الله بإرضاء الخصم وإن يعود عليك وبال ما نسبته إلى أخيك المؤمن مما ليس هو عليه وكذلك خداع المؤمن فلا تكن ممن يخادع الله فإنك إن اعتقدت ذلك كنت من الجاهلين بالله حيث تخيلت إنك تلبس على الحق وإن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين وإن خادعت المؤمن فما تخادع إلا نفسك كما قال تعالى يخادعون الله والذين آمنوا وما يخادعون إلا أنفسهم وما يشعرون في خداعهم الذين آمنوا فإنهم مؤمنون أيضا بالباطل قال تعالى والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون فوصفهم بالإيمان بالباطل وقال في حديث الأنواء فيمن قال مطرنا بنوء كذا إنه كافر بي مؤمن بالكوكب فهذا قوله وما يخادعون إلا أنفسهم في خداعهم الذين آمنوا وأما في خداعهم الله فإن الله هو خادعهم بخداعهم أي هو خداع الله بهم لكونهم اعتقدوا أنهم يخادعون الله فإياك والجهل فإنه أقبح صفة يتصف بها الإنسان فإن كنت يا ولي ذا زوجة فأوصها بل لا تتركها ولا أختا ولا بنتا ولا أي امرأة كانت ممن تحكم عليها أو تعلم أنها تسمع منك فانصحها كانت من كانت أن لا تستعطر إذا خرجت بطيب يكون له ريح فإنه قد ثبت عن رسول الله ص أنه قال أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية وقد ورد مقيدا في ذلك أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الأخيرة وذلك لأن الليل آفاته كثيرة والظلمة ساترة وما تدري إذا أصاب الرجل ريحها الطيب في طريق المسجد ما يلقي منه إذا لم يتق الله فلهذا نهاها رسول الله ص عن شهود العشاء الآخرة وبالجملة فلا ينبغي للمرأة أن تخرج بطيب له رائحة لا في ليل ولا في نهار وإياك والاستهزاء والسخرية بأهل الله استهزاء بدين الله ولا تتخذهم ضحكة فإن وبال ذلك يعود عليك يوم القيامة فيسخر الله منك ويستهزئ بك وهو أن يريك بالفعل ما فعلته أنت هنا أعني في الدنيا بالمؤمن إذا لقيته تقول أنا معك على طريق الهزء به والسخرية منه فإذا كان يوم القيامة يجازيك الله عدلا بقدر ما تراءيت به للمؤمنين من الإقبال عليهم والايمان بما هم عليه أهل الله عز وجل وقد رأينا على ذلك جماعة من المدرسين الفقهاء يسخرون بأهل الله المنتمين إلى الله المخبرين عن الله بقلوبهم ما يرد عليهم من الله فيها فيأمر من هذه صفته إلى الجنة حتى ينظر إلى ما فيها من الخير فيسرون كما يسر أهل الله في حال استهزاءهم بهم ويتخيلون أنهم صادقون فيما
(٤٨٣)