اللام الأولى بقي له وقد قال لله ما في السماوات وما في الأرض وقال له ملك السماوات والأرض فلو زال اللامان والألف بقي إلها وهو قولك هو وقد جاء هو الله وفي غير هذه الكلمة فيما أظن ما تجد غير هذا وكان رجلا أميا من عامة الناس وكان نظره مثل هذا واعتباره وعليك بالتباهي في الأمور الدينية وتزيين المصاحف والمساجد ولا تنظر إلى قول الشارع في ذلك أنه من أشراط الساعة كما يقول من لا علم له فإن رسول الله ص ما ذم ذلك وما كل علامة على قرب الساعة تكون مذمومة بل ذكر رسول الله ص للساعة أمورا ذمها وأمورا حمدها وأمورا لا حمد فيها ولا ذم فمن علامات الساعة المذمومة أن يعق الرجل أباه ويبر صديقه وارتفاع الأمانة ومن المحمودة التباهي في المسجد وزخرفتها فإن ذلك من تعظيم شعائر الله ومما يغيظ الكفار ومما ليس بمحمود ولا مذموم كنزول عيسى ع وطلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة فهذه من علامات الساعة ولا يقترن بها ذم ولا حمد لأنها ليست من فعل المكلف وإنما يتعلق الذم والحمد بفعل المكلف فلا تجعل علامات الساعة من الأمور المذمومة كما يفعله من لا علم له ورأيت من القائلين بذلك كثيرا وحافظ على الصف الأول في الصلاة ما استطعت فإنه قد ثبت لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول حتى يؤخرهم الله في النار وإذا دعوت الله فلا تستبطئ الإجابة ولا تقل إن الله ما استجاب لي فإنه الصادق وقد قال أجيب دعوة الداع إذا دعاني فقد أجابك إن كان سمع إيمانك مفتوحا فقد سمعتهم وإلا فاتهم إيمانك بذلك فإن دعوت بإثم أو قطيعة رحم فإن مثل هذا الدعاء لا يستجيب الله لصاحبه فإنه تعالى قد شرع لنا ما ندعوه فيه وهذا هو الاعتداء في الدعاء وإن الله يستجيب للعبد ما لم يقل العبد الداعي لم يستجب لي فإنه إذا قال لم يستجب لي فقد كذب الله في قوله أجيب دعوة الداع ومن كذب الله فليس بمؤمن وله الويل مع المكذبين إلا أن يتوب وعليك إذا لم تواصل صومك بتعجيل الفطر وتأخير أكلة السحور وأما العبد إذا صلى أقبل الله عليه في صلاته ما لم يلتفت فإذا التفت أعرض الله عنه وكان لما التفت إلا إذا التفت لأمر مشروع ليقيم بذلك الالتفات أمرا يختص بالصلاة كالتفات أبي بكر لما سبح به عند مجئ رسول الله ص فذلك ما أعرض عن الله واجتنب دخول المسجد إن كنت جنبا وقراءة القرآن ومس المصحف وكذلك الحائض فإنه أخرج عن الخلاف وكلما قدرت أن لا تفعل فعلا إلا ما يكون الإجماع عليه فهو أولى ما لم تضطر إليه مثل اجتناب أكل ثمن الكلب وكسب الحجام وحلوان الكاهن ومهر البغي ولا تقبل صدقة إن كنت ذا غنى أو قادرا على الكسب وإياك أن تتقدم على قوم إلا بإذنهم ولا تروع مسلما بما يروعه منك أي شئ كان وعليك بمجالس الذكر ولا تتصدق إلا بطيب أعني بحلال وإن كنت مجاورا بالمدينة فلا يخرجنك منها ما تلقاه من الشدة فيها من الغلاء واللأواء ولا ترد أهل المدينة بسوء بل ولا مسلم أصلا وإذا أصبت من جهة فاجتنبها وانظر في محاسن الناس ولا تنظر من إخوانك من المؤمنين إلا محاسنهم فإنه ما من مسلم إلا وفيه خلق سيئ وخلق حسن فانظر إلى ما حسن من أخلاقه ودع عنك النظر فيما يسوء من أخلاقه وإذا صليت فأقم صلبك في الركوع والسجود واشكر الله على قليل النعم كما تشكره على كثيرها ولا تستقلل من الله شيئا من نعمه ولا نكن لعانا ولا سبابا وإياك وبغض من ينصر الله ورسوله أو يحب الله ورسوله ولقد رأيت رسول الله ص سنة تسعين وخمسمائة في المنام بتلمسان وكان قد بلغني عن رجل أنه يقع في الشيخ أبي مدين وكان أبو مدين من أكابر العارفين وكنت أعتقد فيه وكنت فيه على بصيرة فكرهت ذلك الشخص لبغضه في الشيخ أبي مدين فقال لي رسول الله ص لم تكره فلانا فقلت لبغضه في أبي مدين فقال لي أليس يحب الله ويحبني فقلت له بلي يا رسول الله إنه يحب الله ويحبك فقال لي فلم بغضته لبغضه أبا مدين وما أحببته لحبه الله ورسوله فقلت له يا رسول الله من الآن إني والله زللت وغفلت والآن فإنا تائب وهو من أحب الناس إلي فلقد نبهت ونصحت صلى الله عليك فلما استيقظت أخذت معي ثوبا له ثمن كثير أو نفقة لا أدري وركبت وجئت إلى منزله فأخبرته بما جرى فبكا وقبل الهدية وأخذ الرؤيا تنبيها من الله فزال عن نفسه كراهته في أبي مدين وأحبه فأردت أن أعرف سبب كراهته في أبي مدين مع قوله بأن أبا مدين رجل صالح فسألته فقال كنت معه ببجاية فجاءته ضحايا في عيد الأضحى فقسمها على أصحابه وما أعطاني
(٤٩٨)