واحذر من الركن لا تركن لفانية * تزول عنك فمكر الله معلوم من حيث علمك يأتيك إلا له به * فلا تثق بوجود فهو معدوم واحرث لآخرة إن كنت ذا نظر * كمثل من هو بالخيرات موسوم قال الله تبارك وتعالى من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها والحسنة حرث الآخرة في الدنيا فمن كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه فنوفقه للعمل الصالح فلا يزال ينتقل من خير إلى خير في خير فمن حسنة إلى حسنة فإذا كسب الآخرة نال ما اقتضاه العمل والزيادة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وهو ذوق فهذه زيادة الحرث في الآخرة فينال في الآخرة جميع أغراضه كلها وزيادة ما لم يبلغه غرضه سألت بعض الشيوخ من أهل العلم ما الزيادة في قوله تعالى للذين أحسنوا الحسنى وزيادة فقال لي الزيادة ما لم يخطر بالبال فعلمت ما أراد فلم أزده وحرث الدنيا ليس كذلك فإنه منزل لا يمكن في وضع مزاجه أن ينال أحد فيه جميع أغراضه يقول الله تعالى إنك لا تهدي من أحببت ولقد حرص بعمه أبي طالب أن يؤمن فلم يفعل ونفذت فيه سابقة علم الله وحكمه فهذا يقتضيه حال هذه الدار كما إن الآخرة يقتضي حالها نيل جميع الأغراض من غير توقف وأعني بالآخرة الجنة ومن دخلها لا أريد يوم الحشر لأن الله يقول في الأشقياء فما تنفعهم شفاعة الشافعين وإن القيامة أحكامها مقصورة عليها علمنا ذلك كشفا وإيمانا وأعلم تعالى أن كل شئ عنده خزائنه وما ينزله في الدنيا إلا بقدر معلوم فإذا كان في الآخرة عاد الحكم فيما تحوي عليه هذه الخزائن التي عند الله إلى العبد العارف الذي كمل الله سعادته فيدخل فيها متحكما فيخرج منها ما يشاء بغير حساب ولا قدر معلوم بل يحكم ما يختاره في الوقت وهو أن المسعود في الآخرة يعطى التكوين ويكشف له عن نفسه أنه عين الخزانة التي عند الله فإنه عند الله فكل ما خطر له تكوينه كونه فلا يزال في الآخرة خلاقا دائما فارتفع التقدير فهو يتبوأ من الجنة حيث يشاء لا حيث يمشي به فإنه في الجنة ارتفع عنه الافتقار العرضي إلى الأشياء وما بقي عنده إلا الفقر إلى الله خاصة وإنما ارتفع عن المسعود الافتقار العرضي لما فيه من الذلة والانكسار والحاجة والجنة ليس بمحل لذلك فإن محل ذلك عموما في الدنيا ومحله في الآخرة النار وكذلك الذلة فإن الحق لا يتجلى لهم قط في الاسم المذل فلا يذلون أبدا وكذلك لا يتجلى لهم في الاسم العزيز من الوجه الذي لو تجلى لهم فيه لذلوا وإنما يكسوهم الله حلة العزة به على الأمور التي يكونونها لا على أهليهم ولا على من عندهم فلا سلطان لهم ولا عز إلا فيما يتكون عنهم ولا يتكون عنهم شئ إلا منهم فيشهدون الأمر قبل تكوينه فيتعلق بهم إرادة تكوين ذلك الأمر فعين التعلق عين كينونته وما يتأخر عنه فأمره أسرع من لمح البصر فانظر في هذا المنزل ما أعطاك فيه هذا الذكر من الفوائد الجمة الإلهية واعلم أن للدنيا أبناء وللآخرة أبناء وللمجموع أبناء وما نبه غيرنا على أبناء المجموع فالسعيد من جمع بين البنوتين فهو الوارث المكمل وهو القريب البعيد والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب السابع والثلاثون وخمسمائة في معرفة حال قطب كان هجيره وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه وهذه آية عجيبة) رأيت في واقعتي إنني * أدار أهل الأرض بالأرض لأنهم ليست لهم همة * ترفعهم عن عالم الخفض فهم حيارى ما لهم فاصل * يفصل بين الأمر والعرض لم يخش خلق الله إلا الذي * يقام في السنة والفرض قال الله تبارك وتعالى لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم اعلم أن الرجل الكامل واقف مع ما تمسك عليه المروءة العرفية حتى يأتي أمر الله الحتم فإنه بحسب ما يؤمر فإن كان عرضا نظر إلى قرائن الأحوال فإن كانت قرينة الحال تعطيه حكم الأمر الحتم بادر إلى القبول مبادرته إلى الأمر الحتم الذي لا يسعه خلافه وإن
(١٨٠)