لأنه في وضعه على ذلك فيأخذ كل صاحب وجه منه بنصيب لأنه صالح لذلك وكل آية في الهجيرات إنما تؤخذ على انفرادها كما سطرت وعند أهل التحقيق هذا المأخذ وإن كان عالي الأوج فإن مسمى الآية إذا لزمتها أمور من قبل أو بعد يظهر من قوة الكلام إن الآية تطلب تلك اللوازم فلا تكمل الآية إلا بها وهو نظر الكامل من الرجال فمن ينظر في كلام الله على هذا النمط فإنه يفوز بعلم كبير وخير كثير كما تقول في بسم الله الرحمن الرحيم إنها آية مستقلة وتقول فيها في سورة النمل إنها جزء آية فلا كمال لها في الآي إلا بزيادة فاعلم أنه كما لكل أجل كتاب كذلك لكل عمل جزاء والقول عمل فله جزاء إن الله عند لسان كل قائل وليس بعد الخواطر أسرع عملا منه أعني من اللسان فالقول أسرع الأعمال ولا يتولى حساب صاحبه إلا أسرع الحاسبين لأن متولي الحساب على الأعمال من الأسماء الإلهية ما يناسب ذلك العمل إن فهمت والله بكل شئ عليم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الواحد وخمسمائة في معرفة حال قطب كان منزله أغير الله تدعون إن كنتم صادقين وكان هذا هجير الشيخ أبي مدين شيخنا رضي الله عنه) أفغير الله يدعو صادق * أم بغير الله فوه ينطق بل به ينطق لا يعقبه * ولذا في كل حال يصدق ثم يدعوه إذا يدعو به * فهو الداع الذي لا يلحق أخلق الخالق ما يخلقه * لجديد بعد هذا يخلق ليت شعري هل ترى من كائن * قائم العين به لا يخلق حجب الأمثال ما قام بها * من فناء كونه يحقق قال الله تعالى بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون أي تتركون الشرك فأنتج هذا الذكر هذه الشهادة الإلهية وإذا كان الحاكم عين الشاهد بقيت الحيرة في هل يحكم الحاكم بعلمه أم لا فإن الشهادة علم والحكم قد يكون عن غلبة ظن وعن علم وموضع الشهادة بل إياه تدعون وتنسون ما تشركون وهو قوله وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه وقوله أمن يجيب المضطر إذا دعاه فقد شهد على نفسه لنا في دار التكليف بتوحيده في المهمات ولا يعرف الكريم إلا المسئ ولا أكرم من الله وقد نبه الله المسئ أن يقول بكرم الحق لكونه يحكم بالكرم في حقه فقال يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم هذا ليقول كرمك وما يعني بالإنسان هنا إلا المسئ صاحب الكبيرة فإنه لا يقاوم كبير كرمه إلا بأكبر الكبائر فهناك يظهر عموم الكرم الإلهي وقوته فهو وإن لم يغفر فلا بد من الكرم الإلهي في المال وإن لم يخرج من النار لأنها موطنه ومنها خلق حتى لو أخرج منها في المال لتضرر فله فيها نعيم مقيم لا يشعر به إلا العلماء بالله فلما كشف الله غطاء الجهل والعماء عمن كشفه أبصر أن أحدا من الخلق ما دعا في حال شدته إلا الله فلو لم يكن في علمه في حال الرخاء إن حل الشدائد بيد الله خاصة وهذا هو التوحيد ما أظهر ذلك الاعتقاد عند الشدائد فلم يزل المشرك موحدا بشهادة الله في حال الرخاء والشدة غير إن المشرك في حال الرخاء لا يظهر عليه علم من إعلام التوحيد الذي هو معتقده فإذا اضطر رجع إلى علمه بتوحيد خالقه لم يظهر عليه علم من أعلام الشرك وكل ذلك في دار التكليف وأكثر علماء الرسوم غائبون عن هذا الفضل الإلهي والكرم فيعطي هذا الذكر من العلم بكرم الله ما ليس عند أحد من خلق الله ممن ليس له هذا الذكر والدؤوب عليه ولم أسمع عن أحد تحقق به في زماني مثل الشيخ أبي مدين ببجاية رحمه الله وإذا اجتمع في دار التكليف في الشخص ظهور التوحيد في وقت وظهور الشرك في وقت مع استصحاب التوحيد في الباطن مع وجوده في أصل الفطرة والرجوع إليه في المال في حال الاحتضار قبل الخروج من الدنيا فكان زمانه أكثر من زمان الشرك فلو قابلنا الأمر بالزمان بينهما لكان زمان التوحيد غالبا بالفطرة والاستصحاب في الباطن دائما علما وعقدا وكان ظهوره في وقت الشدائد بأزمانه أكثر من زمان الشرك فلا يحجبنك حكم الدار عن هذا الذي أومأنا إليه في هذا
(١٣٧)