الحال فيعلم عن أي شئ ناب من الأسماء فينظر في حكم ذلك الاسم فيوجد أثره فيه فتعلق المقت بمن قال خيرا يمكن له فعله فلا يفعله فانظر إلى ذلك القول الخير لا بد أن يجني ثمرته في الخير القائل به ولا سيما إن أعطى عملا في عامل من عباد الله إلا أنه محروم فما يكبر عند الله إلا لكون هذا القائل قال هذا القول ولم يفعل ما قاله إذا أطلع على ما حرم من الخير بترك الفعل فمقت نفسه أعظم المقت ولا سيما إذا رأى غيره قد انتفع به عملا فهو أكبر مقت عنده يمقت به نفسه عند الله في شهوده في الآخرة فهو أكبر مقت عند الله من مقت آخر لا أن الله مقته بل هو بمقت نفسه عند الله إذا صار إليه وللمقت درجات بعضها أكبر من بعض وهذا من أكبرها عنده فيكشف له هذا الهجير هذا العلم فإن الناس يأخذون في هذه الآية غير مأخذها فيقولون إن الله مقتهم وما يتحققون قوله تعالى عند الله أي تمقتون أنفسكم أكبر المقت عند الله إذا رجعتم إليه فإن قال ما نعتقد صحته ولم يقل ذلك إيمانا فذلك المنافق وإن قال ذلك إيمانا ولم يفعل فذلك المفرط وهو الذي يكبر مقته عند الله لأن إيمانه يعطيه الفعل فلم يفعل ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به على ألسنتهم وألسنة غيرهم لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا وآتاهم الله أجرا عظيما لأنه أضاف الفعل إلى القول فعظم بالاجتماع على ما تكون صورته إذا انفرد بقول دون فعل وبفعل دون قول وما إيه الله بمن هذه صفته إلا بالاسم المذكر ليزيلهم به من حكم الاسم الخاذل فإن الله ما يؤيه إلا من الاسم الذي لا حكم له في الحال والتأيه على نوعين تأيه بالصفة مثل قوله يا أيها الذين آمنوا ويا أيها الذين أوتوا الكتاب وتأيه بالذات مثل قوله يا أيها الناس فمتى سمعت التأيه فلتنظر ما يأيه به لا من إيه به فاعمل بحسب ما إيه به من اجتناب أو غير اجتناب فإنه قد يؤبه بأمر وقد يؤبه بنهي كما تقول في الأمر يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود وكما يقول في النهي يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله وكذلك يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فهذا تأيه إنكار كأنه يقول في الأمر فيه افعلوا ما تقولون وفي النهي لا تقولوا على الله ما لا تعملون فإنكم تمقتون نفوسكم عند الله في ذلك أكبر المقت كما قررنا فإذا أتى مثل هذا كان له وجه للأمر ووجه للنهي وهذا هو الوجه فيأخذه السامع بحسب ما يقع له في الوقت وأي وجه أخذ به في أمر أو نهي أصاب وإن جمع بينهما جنى ثمرة ذلك فيكون له أجران ومن الناس من يكشف له في هذا الهجير أنه القول الخاص وهو أن يقول بإضافة الفعل إلى نفسه في اعتقاده كالمعتزلي فيطلع في كشفه على إن الأفعال لله ليست له فيمقت نفسه حيث جهلت مثل هذا أكبر المقت عند الله ويكون عند الله هنا عندية الشهود حيث كان في الدنيا أو في الآخرة فمقته في الدنيا رجوع عن ذلك فيسعد ويلحق بالعلماء بخلاف مقته عند الله في الآخرة فكأنه يقول يا أيها الذين آمنوا لم تقولون إن الفعل لكم وما هو كذلك فأضفتم إليكم ما لا تفعلون وكبر مقتا منكم عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله فإنه على صراط مستقيم هذا المنازع الذين نقول له إن الفعل للحق صفا لا خلل فيه كأنهم بنيان مرصوص لا خلل فيه فيضيف الأفعال كلها لله لا لمن ظهرت فيه فقد أفلح من كان هجيره هذه الآية لأنه لا فائدة للهجير إلا أن يفتح لصاحبه فيه فإذا رأيت ذا هجير لا يفتح له فيه فاعلم أنه صاحب هجير لسان ظاهره لا يوافقه لسان باطنه ومن هو بهذه المثابة فما هو مقصودنا بأصحاب الهجيرات والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الأحد والتسعون وأربعمائة في معرفة حال قطب كان منزله لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين) إنما الدنيا هموم وغموم * حالها ذا في خصوص وعموم فالذي يفرح فيها ما له * فكرة العالم بالأمر الحكيم إنما الأمر إذا حققته * عن شهود في حديث وقديم عبرة موعظة قد نصبت * لخبير ذي تجاريب عليم فبفضل الله فليفرح من * شاء أن يفرح من أهل النعيم قال الله تعالى قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون فيفرحون به ولا يفرح عاقل إلا بثابت لا بزائل ولهذا الفرح الذي نسب إلى الله في فرحه بتوبة عبده لأن التوبة أمر لازم دائم الوجود ولا سيما في الآخرة لأن العبد راجع إلى الله في كل ما هو عليه إن كان في حال الحجاب إيمانا وإن كان مع رفع الحجاب فشهود عين وهذا الهجير
(١٢٧)