وإن كان ذلك في نفس الأمر شرعا له كما تقدم وإن كان العامل لا عن نص ولا عن تقليد بل كان عن نظر واجتهاد وتفقه فهذا لا يكون وارثا في مثل هذه المسألة إلا إن أصاب الحكم فيها فإن أصاب الحكم كان وارثا وإن أخطأ الحكم لم يكن وارثا ويحشر في صف من هذه صفته ولهم صف مخصوص ثم هم في المواطن بحسب ما يكون عليه ذلك الحكم من مصادفة من تقدمه أنه شرع له فتكون له صور متبعة خلف ذلك الموروث منه كان من كان والكل خلف محمد ص وتختلف مراتبه خلف رسول الله ص وخلف الرسل ع لاختلاف ما ظهر له في الذي عمل به فإن انفرد به جملة عن كل رسول ونبي ومجتهد فإنه يكون أمة وحده كقيس بن ساعدة قال فيه رسول الله ص إنه يبعث يوم القيامة أمة وحده مع كونه خلف محمد ص لا بد من ذلك من حيث إنه ص أعطاه المادة التي نظر فيها حتى انقدح له ما لم يخطر له إلا في تلك المسألة النازلة وأخطأ فيها حكم رسول الله ص لا بد من ذلك بخلاف حكم المصيب فتحقق هذه المنازلة فإنها غريبة في المنازلات قليل من أهل الله من تكون له فإنها تنبئ عن تحقيق عظيم وذوق غريب ورفع إشكال وليس يكون في القيامة أدل ولا أعرف بمواطن القيامة ولا بصور ما فيها أعظم من صاحب هذه المنازلة ولا تحصل إلا بالوهب الإلهي لمن حصلت له والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الأربعون وأربعمائة في معرفة منازلة اشتد ركن من قوى قلبه بمشاهدتي) إن القوي الذي ما زال يشهدني * عند الشؤون وما في الحق من حرج فمن يعاندني فيما أفوه به * من الحقائق فليرقى على درجي ولو يراه لفداه بناظره * وبالنفوس وبالأرواح والمهج لكن له حجب على العيون فهم * في الضيق في الملأ العلوي في فرج إني مريض عليل القلب مبتئس * في الذل والمقلة النجلاء والدعج إني لفي ظلمات من تراكمها * غرقت من بحرها اللجي في اللجج الناس في سيف هذا البحر في نعم * أين السواحل يا هذا من الثبج قال الله عز وجل جلاله حكاية عن نبيه لوط ع إذ قال لقومه لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد فقال رسول الله ص في الصحيح عنه يرحم الله أخي لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد يعني من القبيلة فاعلم إن أقوى الأقوياء من كان الحق قواه ومع هذه القوة بهذه الصفة فما يكون إلا ما سبق به الكتاب ولا كتب إلا ما علم وما علم إلا ما هو عليه المعلوم فلا تبديل لكلمات الله وما يبدل القول لديه وما هو بظلام للعبيد فقوله لو أن لي بكم قوة أي همة فعالة ومن كان الحق قواه فلا همة تفعل فعل من هذه صفته لكن الأمر على ما قررناه من سبق الكتاب فلا يقع إلا ما هو الأمر عليه فأداة أو أنما أعطته عطاها الإمكان لا غير فلو أراد بالقوة إظهار الأثر الذي جاء به فيهم وأراد بالركن الشديد إذ لم يتمكن الأثر فيهم أن يحمي نفسه عنهم حتى لا يؤثروا فيه فلهذا ص ذكر الأمرين القوة والإيواء ولا شك أن الرسل ع هم أعلم الناس بالله فلا يأوون إلا إلى الله وهو قوله ص يرحم الله أخي لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد يعني بذلك إيواءه إلى الله فآوى إلى من يفعل ما يريد ولا اختيار في إرادته ولا رجوع عن علمه فآوى إلى من لا تبديل لديه فما الجبر إلا ظاهر متحقق * فما ثم تحيير وما ثم منقلب فلا تهربن فالأمر ما قد سمعته * فإن لم توافقه فما ينفع الهرب فعلم إلهي عين حالي فما أنا * عليه فأمليه عليه إذا كتب فأنت سبقت القول والعلم والذي * يؤدي إلى الفوز العظيم أو العطب فلا ركن أشد من ركنك وما نفعك وإنما قلنا إنك أشد الأركان من كون القضاء ما جرى عليك إلا بما كسبت يداك
(٥٣)