منها شيئا فهذا سبب كراهتي فيه ووقوعي والآن قد تبت فانظر ما أحسن تعليم النبي ص فلقد كان رفيقا رقيقا وإذا استرعاك الله رعية مسلمين أو أهل ذمة فإياك إن تغشهم ولا تضمر لهم سوء وانظر فيما أوجب الله عليك من الحقوق لهم فأدها إليهم وعاملهم بها ظاهرا وباطنا سرا وعلانية ولا تجعل ذميا خصمك يوم القيامة وإذا رأيت من أحد حالة سيئة يطلب أن تستر عليه فاستره فيها ولو لم يرد الستر فاسترها أنت عليه على كل حال وإذا أكلت طعاما فلا تأكل أكل الجبارين متكئا وكل كما يأكل العبد فاتك عبد على مائدة سيدك فتأدب وإذا رأيت من يطلب ولاية عمل فلا تسع له في ذلك فإن الولاية مندمة وحسرة في الآخرة وقد أمرك الله بالنصيحة وإذا رأيت قوما ولوا أمرهم امرأة فلا تدخل معهم في ذلك (وصية) لا تسبق إلى فضيلة إذا وجدت السبيل إليها وانظر في الدنيا نظر الراحل عنها والمطالب بما نال منها وإذا نكحت فأولم بما قدرت عليه وإذا نمت أو دخلت بيتك أو أكلت أو شربت أو فعلت فعلا فسم الله عليه وأذكره وتناول بيمينك أمورك كلها إلا ما ورد فيه النهي من الشارع أو ما يجري مجرى النهي مثل الاستنجاء ومسك الذكر باليمين أيضا عند البول والامتخاط فاجعل ذلك كله بيسارك وإذا أكلت مع جماعة طعاما واحدا فكل مما يليك وإذا اختلف الطعام فكل من حيث شئت وقلل النظر إلى من يأكل معك وصغر اللقمة وشدد المضغ وسم الله في أول كل لقمة واحمد الله في آخرها إذا ابتلعتها واشكر الله حيث سوغكها ولا تكثر الشرة في الأكل وتعاهد المشي إلى المساجد مساجد الجماعات في أوقات الصلوات ولا سيما العتمة والصبح من غير سراج تبشر بالنور التام يوم القيامة وإذا سمعت من يعطس وحمد الله فشمته وإن لم يحمد الله فذكره بحمد الله فإذا حمد الله فشمته فإذا زاد في العطاس على ثلاثة فهو مزكوم فادع الله له في الشفاء وإياك أن تخون من خانك ولا تعتد على من اعتدى عليك فإن ذلك أفضل لك عند الله وأعذر ولا تعتذر فإن اعتذارك يتضمن سوء ظنك بمن اعتذرت له وابدأ في المعاملة مع الخلق بالأولى فالأولى وإذا تساوت الأمور وبدأ الله بذكر شئ منها فابدأ بما بدأ الله به كما فعل رسول الله ص في حجته لما أراد أن يسعى بين الصفا والمروة وقف على الصفا وقرأ إن الصفا والمروة من شعائر الله أبدأ بما بدأ الله به وإذا قمت في عبادة الله فاعمل نشاطك فإذا كسلت فاترك ولا تكن من الذين إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى وإذا صليت وأحد ينظر إليك فانو في تحسين صلاتك تعليمه وأخلص لله عبادتك فإنه ما أمرك أن تعبده إلا مخلصا وافعل ما أوجب الله عليك فعله ولا بد سواء كسلت أو كنت نشيطا وإنما أمرتك بالترك في النوافل ولا تعبد الله بكسل وانتقل إلى نافلة غيرها ولا تحسن صلاتك في الملأ دون الخلافان فعل ذلك من فعله فإن ذلك الفعل استهانة استهان بها ربه كذا ثبت وإن كنت ممن يصلح للإمامة فصل خلف الإمام فإنه إن أحدث الإمام في الصلاة استخلفك وإن لم تكن من أهلها فصل يمين الصف أو يساره وحافظ على الصف الأول وإذا رأيت فرجة في الصف فسدها بنفسك فلا حرمة لمن رآها وتركها وتخط رقاب الناس إليها وسارع إلى الخيرات وكن لها سابقا ونافس فيها قبل إن يحال بينك وبينها وإياك أن تتخلى في طريق الناس أو في ظلهم ولا تحت شجرة مثمرة ولا في مجالس الناس ولا تبل في هوى ولا في حجر ولا في ماء دائم ثم تتوضأ منه أو تغتسل فيه واتق الله في زوجتك وولدك وخادمك وفي جميع من أمرك الله بمعاملته واحذر فتنة الدنيا والنساء والولد والمال وصحبة السلطان واتق الله في البهائم واجعل من صلاتك في بيتك وعين في بيتك مسجدا لك تتنفل فيه وتصلي فيه فريضتك إن اضطررت إلى ذلك وأكثر من قراءة القرآن يتدبر إن كنت عالما فإنه أرفع الأذكار الإلهية وإن كنت في جماعة يقرءون القرآن فاقرأ معهم ما اجتمعتم عليه فإن اختلفتم فقم عنهم وحافظ على قراءة الزهراوين البقرة وآل عمران وإذا شرعت في قراءة سورة من القرآن فلا تتكلم حتى تختمها فإن ذلك دأب العلماء الصالحين ولقد حدثني غير واحد بقرطبة عن الفقيه ابن زرب صاحب الخصال أنه كان يقرأ في المصحف سورة من القرآن فمر عليه أمير المؤمنين من بنى أمية فقيل للخليفة عنه فمسك فرسه وسلم عليه وسأله فلم يكلمه الشيخ حتى فرع من السورة ثم كلمه فقال له الخليفة في ذلك فقال ما كنت لا ترك الكلام مع سيدك وأكلمك وأنت عبده هذا ليس من الأدب ثم ضرب له مثلا به وبعبيده فقال أرأيت لو كنت في حديث معك وكلمني بعض عبيدك أيحسن مني
(٤٩٩)