إن قلت قولا صحيحا * أنا القوي المتين * أو كان غير صحيح * أنا الضعيف المهين وأيضا إن المتانة حال ليس يدريها * إلا الذي هام وجدا في معانيها وقوة الله أبدتها لناظرنا * وحكمها أبدا فيمن يعانيها إذا أشد بها ركني تكون لنا * أولى وإن كان عيني فهو ثانيها إن المطالع قد لاحت أهلتها * للناظرين إليها في مبانيها يدعى صاحبها عبد المتين قال تعالى إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين فرفع على الصفة لقوله ذو وهو والمتين هو الذي لا يتزلزل عما يجب له الثبوت فيه لتمكنه وثقله فنبه على العين أنها بهذه الصفة من المتانة لئلا يتخيل متخيل أو يقول قائل إن الصور لما تبدلت في التجلي واختلفت والأسماء الإلهية لما كثرت وتنوعت ودل كل اسم على معنى لا يكون لغيره وأعطت كل صورة أمرا لم تعطه الصورة الأخرى إن العين والمسمى تبدل لهذا التبدل فأخبر أنه من المتانة بحيث أن الأمر على ما قرر وشوهد من التحول والتبدل والعين ثابتة في مكانتها لا نقبل التغيير وأعظم ما يظهر حكم هذا في العقائد في الله لأن الإله الذي اعتقد بالدليل النظري إذا جاءت الشبهة لصاحب هذا الاعتقاد النظري إزالته فلو كانت المتانة من صفات الإله الذي جعله المعتقد في نفسه ما أثرت فيه الشبهة الواردة فأخلت المحل عنه وعاد يبحث على إله آخر يجعله فيه فليست المتانة إلا للإله القوي الحق الذي يجد في نفسه هذا الطالب الاستناد إليه ولا يدري ما هو ولمتانته لا يقوى الناظر أن ينقله إلى محل اعتقاده فمتانته حجابه فلا يعرف والحق الذي وسعه قلب العبد هو الذي يقبل آثار الشبه فيه فقد علمت لما ذا تسمى بالمتين وهو علم غريب فبالمتانة كان الاستناد فاستند إليه كل ممكن يطلب الترجيح والعلم بهذا المستند عين نفي العلم به على علم بأنه لا يعلم لا بد من ذلك كما قال الصديق العجز عن درك الإدراك إدراك وهذا أعلى ما يوصل إليه في العلم بالله المتين فإن للمتانة درجات فقصدنا أتمها وأعلاها والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (النصير حضرة النصر) حضرة النصر حضرة * للذي قد بغي عليه * فهو لله وحده * ما له غير ما لديه وأيضا إن الولي الذي إذا تولاه * عبد تولاه رب حين ولاة إن الولي اسم مفعول يكون له * من لفظه فاعل إذا تولاه لولاه ما ثبتت فينا قواعده * ولا رست رغبة لولاه لولاه أملي على الذي يتلوه من سور * على مسامع كوني حين أملاه بالقلب سطره ربي لنحفظه * به بلاني إلهي حين أبلاه يدعى صاحبها عبد الولي والولي الناصر وإن شئت قلت عبد الناصر قال تعالى الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور وهو نور العيان وهو عين اليقين وأقام تعالى عذرا لما نبه بقوله في تمام الآية والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم وما أفرد الطاغوت لأن الأهواء مختلفة وأفرد نفسه لأنه واحد يخرجونهم من النور إلى الظلمات فنصر هؤلاء الأولياء لهم حيث لا يتركونهم يدخلون الجنة لما لهم فيها من الضرر لأنهم على مزاج يتضرر بالاعتدال كما تضر رياح الورد بالجعل فهم ينصرون أصحابهم وليس إلا أهل النار الذين هم أهلها أخبر ص فقال إن ولي الله الذي نزل الكتاب لأن فيه الله ولي الذين آمنوا وهو من المؤمنين وهو يتولى الصالحين ولهذا القطع كان الصلاح مطلوبا لكل نبي مكمل وشهد الله به لمن شاء من عباده على التعيين تشريفا له بذلك كعيسى يحيى ع وأما قوله تعالى وكان حقا علينا نصر المؤمنين وليس المؤمن إلا من لم يدخل إيمانه بأمر ما خلل يقدح في إيمانه والمؤمنون في كلام الله نوعان وهم الكافرون فنوع آمن بالله وكفر بالطاغوت وهو الباطل فهم أهل الجنة المعبر عنهم بالسعداء والنوع الآخر آمن بالباطل وكفر بالله وهو الحق فهم أهل النار المعبر عنهم بالأشقياء فقال عز وجل في حق السعداء فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى وهؤلاء هم الذين حق على الله نصرهم
(٢٨٣)