من حيث ألوهته فلا إله إلا هو الصمد الذي يلجأ إليه في الأمور ولهذا اتخذناه وكيلا القادر هو النافذ الاقتدار في القوابل الذي يريد فيها ظهور الاقتدار لا غير المقتدر بما عملت أيدينا فالاقتدار له والعمل يظهر من أيدينا فكل يد في العالم لها عمل فهي يد الله فإن الاقتدار لله فهو تعالى قادر لنفسه مقتدر بنا المقدم المؤخر من شاء لما شاء ومن شاء عما شاء الأول الآخر بالوجوب وبرجوع الأمر كله إليه الظاهر الباطن لنفسه ظهر فما زال ظاهر أو عن خلقه بطن فما يزال باطنا فلا يعرف أبدا البر بإحسانه ونعمه وآلائه التي أنعم بها على عباده التواب لرجوعه على عباده ليتوبوا ورجوعه بالجزاء على توبتهم المنتقم ممن عصاه تطهيرا له من ذلك في الدنيا بإقامة الحدود وما يقوم بالعالم من الآلام فإنها كلها انتقام وجزاء خفي لا يشعر به كل أحد حتى إيلام الرضيع جزاء العفو لما في العطاء من التفاضل في القلة والكثرة وأنواع الأعطيات على اختلافها لا بد أن يدخلها القلة والكثرة فلا بد أن يعمها العفو فإنه لا بد من الأضداد كالجليل الرؤوف بما ظهر في العباد من الصلاح والأصلح لأنه من المقلوب وهو ضرب من الشفقة الوالي لنفسه على كل من ولي عليه فولى على الأعيان الثابتة فأثر فيها الإيجاد وولي على الموجودات فقدم من شاء وأخر من شاء وحكم فعدل وأعطى فأفضل المتعالي على من أراد علوا في الأرض وادعى له ما ليس له بحق المقسط هو ما أعطى بحكم التقسيط وهو قوله وما ننزله إلا بقدر معلوم وهو التقسيط الجامع بوجوده لكل موجود فيه الغني عن العالمين بهم المغني من أعطاه صفة الغني بأن أوقفه على إن علمه بالعالم تابع للمعلوم فما أعطاه من نفسه شيئا فاستغنى عن الأثر منه فيه لعلمه بأنه لا يوجد فيه إلا ما كان عليه البديع الذي لم يزل في خلقه على الدوام بديعا لأنه يخلق الأمثال وغير الأمثال ولا بد من وجه به يتميز المثل عن مثله فهو البديع من ذلك الوجه الضار النافع بما لا يوافق الغرض وبما يوافقه النور لما ظهر من أعيان العالم وإزالة ظلمة نسبة الأفعال إلى العالم الهادي بما أبانه للعلماء به مما هو الأمر عليه في نفسه المانع لإمكان إرسال ما مسكه وما وقع الإمساك إلا لحكمة اقتضاها علمه في خلقه الباقي حيث لا يقبل الزوال كما قبلته أعيان الموجودات بعد وجودها فله دوام الوجود ودوام الإيجاد الوارث لما خلفناه عند انتقالنا إلى البرزخ خاصة الرشيد بما أرشد إليه عباده في تعريفه إياهم بأنه تعالى على صراط مستقيم في أخذه بناصية كل دابة فما ثم إلا من هو على ذلك الصراط والاستقامة ما لها إلى الرحمة فما أنعم الله على عباده بنعمة أعظم من كونه آخذا بناصية كل دابة فما ثم إلا من مشى به على الصراط المستقيم الصبور على ما أوذى به في قوله إن الذين يؤذون الله ورسوله فما عجل لهم في العقوبة مع اقتداره على ذلك وإنما أخر ذلك ليكون منه ما يكون على أيدينا من رفع ذلك عنه بالانتقام منهم فيحمدنا على ذلك فإنه ما عرفنا به مع اتصافه بالصبور إلا لندفع ذلك عنه ونكشفه فهذا بعض ما أعطته حضرة الحضرات من هذا الباب فإنه باب الأسماء وأما الكنايات فنقول فيها لفظا جامعا وهو إذا جاءت في كلام الرسول عن الله تعالى أو في كتاب الله فلننظر القصة والضمير ونحكم على تلك الكناية بما يعطيه الحال في القصة المذكورة لا يزاد في ذلك ولا ينقص منه والباب يتسع المجال فيه فلنقتصر منه على ما ذكرنا والله يقول الحق وهو يهدي السبيل انتهى السفر الثالث والثلاثون بسم الله الرحمن الرحيم (الباب التاسع والخمسون وخمسمائة في معرفة أسرار وحقائق من منازل مختلفة) لله في خلقه نذير * يعلمهم أنه البشير * وهو السراج الذي سناه * يبهر ألبابنا المنير في كل عصر له شخيص * تجري بأنفاسه الدهور * عينه في الوجود فردا * الواحد العالم البصير يا واحدا مجده تعالى * ليس له في الورى نظير * ليس لأنواره ظهور * إلا بنا أذلنا الظهور فنحن مجلي لكل شئ * يظهر في عينه الأمور
(٣٢٦)