ما يمكن من الإبانة عن هذا المقام والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب التاسع والعشرون وأربعمائة في معرفة منازلة من تصاغر لجلالي نزلت إليه ومن تعاظم علي تعاظمت عليه) يعامل الحق بما يعامل * فاحذر فما أنت له مقابل وكن له عينا ولا تكن به * فإنه ليس له مماثل من حارب الله يرى صرعته * بعينه فالبطل المنازل هو الذي يرمي السلاح والذي * له من الله به المنازل قد قال طيفور بأن بطشه * أشد والقول بذاك نازل فكونه فينا وجود ثابت * وكوننا فيه وجود حاصل قال الله تعالى وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم لأنه قال وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين وما خص مؤمنا من غير مؤمن فإذا كان العبد على مقامه الذي هو عينه مسلوب الأوصاف ولم يظهر منه تلبس بصفة محمودة ولا مذمومة فهو على أصله وأصله الصغار ويريد الحق ظهور الصفات فيه فلا بد أن ينزل إليه من هويته التي تقتضي له الغني عن العالم فإن الله غني عن العالمين والنبي ص يقول يوم بدر لربه تعالى إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد بعد اليوم فلو قال مثل هذه المقالة غير رسول الله ص لقال المنكر ما شاء مما يليق به من حيث إنكاره لجهله ومثل هذه النفحات تهب على قلوب العارفين من أهل الله فإن نطقوا بها كفرهم المؤمن وجهلهم صاحب الدليل فالحمد لله الذي قد وهب * والحمد لله الذي قد عصم فلم يقل ما شأنه قوله * وهو الذي قال به من عصم فيحجب الله به من حرم * ويشهد الله به من رحم ورد في الخبر أنه من تواضع لله رفعه الله وهو عين نزول الحق إليه ومن تكبر على الله وضعه الله وما وضعه إلا بشهود عظمته فإنه تعالى العلي العظيم ولما قال ص إنما هي أعمالكم ترد عليكم علمنا إنا ما نرى من الحق إلا ما نحن عليه فمن شاء فليعمل ومن شاء لا يعمل وهذه كلمة نبوية حق كلها فإن العمل ما يعود إلا على عامله وقد أضاف الأعمال إلينا فمن علم منا من هو العامل منا علم من يعود إليه العمل في الرد وهذا القدر من الإشارة في هذا الحديث كاف ولما كان الله هو الكبير المتكبر علمنا نسبة الكبر إليه وتحير من تحير في نسبة التكبر إليه فلو علم نزول الحق لعباده إذ ليس في قوة الممكن نيل ما يستحقه الحق من الغني عن العالم وفي قوة الحق مع غناه من باب الفضل والكرم النزول لعباده ما هو لعين عباده وإنما ذلك لظهور أحكام أسمائه الحسنى في أعيان الممكنات فما علم أنه لنفسه نزل لا لخلقه كما قال تعالى وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون فما خلقهما إلا من أجله والخلق نزول من مقام ما يستحقه من الغناء عن العالمين فالمتخيل من العباد خلاف هذا وأنه تعالى ما نزل إلا لما هو المخلوق عليه من علو القدر والمنزلة فهذا أجهل الجاهلين فأعطى الحق هذا النزول أو ما توهمه الجاهل أن يتسمى الحق بالمتكبر عن هذا النزول ولكن بعد هذا النزول لا قبله وجودا وتقديرا لا بد من ذلك فالكبير ليس كذلك وسيرد تحقيق هذا الفصل في آخر الكتاب في الباب الثامن والخمسين وخمسمائة إن شاء الله تعالى فهذه المنازلة تعطيك أن الحق مرآة العالم فلا يرون فيها غير ما هي صورهم عليه وهم في صورهم على درجات فهذا حصر لباب هذه المنازلة والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الثلاثون وأربعمائة في معرفة منازلة أن حيرتك أوصلتك إلى) كل من حار وصل * والذي اهتدى انفصل * وهو نعت ثابت * للذي عز وجل وهو نعت حاصل * لعبيد قد عقل * فإذا قال فتى * إنه اهتدى غفل
(٤٢)