بنفسه عن ربه في زعمه وكذب بالحسنى وهي أحكام الأسماء الحسنى فسنيسره للعسرى فهذا تيسير التعسير وهو يشبه الدس فإن الدس يؤذن بالعسر لا بالسهولة فلو جهد أحد أن يدخل فيما لا يسعه ما يمكن له ذلك جملة واحدة وما كلف الله نفسا إلا وسعها في نفس الأمر ولذلك وسعت رحمته كل شئ وزال الغضب وارتفع حكمه وتعينت المراتب وبانت المذاهب وتميز المركوب من الراكب والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الرابع والثمانون وأربعمائة في حال قطب كان منزله إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون) إذا احتضر الإنسان هيأ ذاته * لرؤية من يلقاه وهو بعينه فيا عجبا من غائب وهو حاضر * وليس يراه الشخص من أجل كونه فإن زال عن تركيبه وهو زائل * فإن وجود الحق في ستر صونه ومن فرط قرب الشئ كان حجابه * فلو زال ذاك القرب قام بعونه فيشهده حالا وعينا بعينه * وخص بهذا الوصف من أجل حينه فسبحان من لا تشهد العين غيره * على عزه فيما يزين وشينه فما الشأن إلا في وجودي وكونه * فمن بينه كانت شواهد بينه البين الأول الوصل والآخر الفراق وليس إلا آخر الأنفاس فما بعده نفس خارج لأنه ليس ثم وقد خرج وفارق القلب بصورة ما كشف له فإن كان الكشف مطابقا لما كان عليه فهو السعيد وإن لم يكن مطابقا فهو بحسب ما كشفه قبل فراقه القلب لأنه هنالك يكتسب الصورة التي يخرج بها وهذه منة من الله بعبده حتى لا يقبض الله عبدا من عباده إلا كما أخرجه من بطن أمه على الفطرة فإن المحتضر ما فارق موطن الدنيا لا أنه على أهبة الرحيل رجله في غرز ركابه وهنالك ينكشف له شهودا حقيقة قوله وهو معكم أينما كنتم وقوله في حق طائفة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون غير إن الذين بقيت لهم أنفاس من الحاضرين لا يبصرون معية الحق في أينية هذا العبد فإنهم في حجاب عن ذلك إلا أهل الله فإنهم يكشفون ما هو للمحتضر مشهود كما كان الأمر عندهم فإن عم بقوله لا تبصرون فإنه يريد الذوق فإن ذوق كل شاهد في مشهوده لا يكون لغيره وإن اتصف بالشهود فالحق عند العارف في العين وعند غير العارف في الأين فبرحمة من الله كان هذا الفضل من الله ولولا الدار ما تجذب أهلها جذب المغناطيس الحديد ولولا أهلها ما هم كأولاد أم عيسى مع الصبغ ما رموا نفوسهم فيها يقول النبي ص إنكم لتقتحمون في النار كالفراش وأنا آخذ بحجزكم فشبههم بالفراش الذي يعطيه مزاجه أن يلقي نفسه في السراج فيحترق ولكن هؤلاء الذين هم أهلها وأما من يدخلها ورودا عارضا لكونها طريقا إلى دار الجنان فهم الذين يتبرمون بها وتخرجهم شفاعة الشافعين وعناية أرحم الراحمين بعد أن تنال منهم النار ما يقتضيه أعمالهم كما إن الذين هم أهلها في أول دخولهم فيها يتألمون بها أشد الألم ويسألون الخروج منها حتى إذا انتهى الحد فيهم أقاموا فيها بالأهلية لا بالجزاء فعادت النار عليهم نعيما فلو عرضوا عند ذلك على الجنة لتألموا لذلك العرض فينقدح لهذا الذكر أعني لأهله مثل هذه المعارف الشهودية فإن ادعى أحد هذا الهجير وجاء بعلم غير مشهود له معلومه رؤية بصر فليس ذلك نتيجة هذا الذكر بل ذلك أمر آخر فلينتظر فتح هذا الذكر الخاص الذي هو هجيره حتى يمن الله عليه بالشهود البصري لا بد من ذلك فإن الموطن يقتضيه قال الله عز وجل فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد فهو يرى ما لا يرى من عنده من أهله الذين حجبهم الله تعالى عن رؤية ذلك إلى أن يأتيهم أجلهم أيضا جعلنا الله عز وجل في ذلك المقام ممن يشهد ما يسره لا ما يسوءه آمين بعزته والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الخامس والثمانون وأربعمائة في معرفة حال قطب كان منزله من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون)
(١٢٠)