من حيث هو على صراط مستقيم فمن حياتهم الطيبة في الدنيا أنهم وإن دعوا الخلق إلى الله فإنهم يدعونهم بلسان غيرهم ويشهدون من سمع دعوتهم من المدعون ومن برد الدعوة منهم فلا يألمون لذلك الرد بل يتنعمون بالقبول نعيمهم بالرد لا يختلف عليهم الحال وسبب ذلك أن مشهودهم من الحق الأسماء الإلهية وشهودهم إياها نعيم لهم فمن دعا ما دعا إلا باسم إلهي فالإسم هو الداعي ومن رد أو قبل فما رد وما قبل إلا باسم إلهي فالإسم هو القابل والراد وهذا الشخص في حياة طيبة بهذا الشهود دائما ومن غيبه الله عن شهود هذا المقام فإنه يألم طبعا ويلذ طبعا وهو أكبر نعيم أهل الله وألمهم ولا تكون هذه الحياة الطيبة إلا أن تكون مستصحبة وما ينالها إلا الصالحون من عباد الله وإن ظهر منهم ما توجبه الأمور المؤلمة في العادة وظهر عليهم آثار الآلام فالنفوس منهم في الحياة الطيبة لأن النفوس محلها العقل ليس الحس محلها فألمهم حسية لا نفسية فالذي يراهم يحملهم في ذلك على حاله الذي يجده من نفسه لو قام به ذلك البلاء وهو في نفسه غير ذلك فالصورة صورة بلاء والمعنى معنى عافية وإنعام وما يعقلها إلا العالمون فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم في الدنيا وحسن مآب في الآخرة وهذا التنبيه على تحصيل هذا المقام كاف فإنه مكتسب والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الثامن والثمانون وأربعمائة في معرفة حال قطب كان منزله ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى) كل شخص زوجه من نفسه * ولهذا زوجه من جنسه فهو كل وهي جزء فلذا * كثرت أزواجه من نفسه وكذا اليوم الذي أوجده * إنما أوجده من أمسه ولذا جاء على صورته * في نقيض القدس أو في قدسه لا تمدن إلى حرمة من * كان عينيك فذا من بخسه وفه ميزانه لا تلتفت * للذي تبصره من إنسه إنما يأنس من لست له * بك للجمع الذي في أسه ولتجرده من الشك وما * جاء من شيطانه في مسه ولتفرق بين ما تسمع من * ليس في النطق به أو أيسه ولتخف من زلل النطق وما * جاء في محكمه من لبسه قال الله تعالى في مثل هذه الآية وهو من تمام هذا المنزل ويدخله صاحبه في هجيره ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين وقل إني أنا النذير المبين ينبهه بذلك على نفسه في انذاره ورزق ربك ما أعطاك مما أنت عليه في وقتك وما لم يعطك وهو لك فلا بد من وصوله إليك وما أبطأ به إلا الوقت الزماني الذي هو له وما ليس لك فلا يصل إليك فتتعب نفسك حيث طمعت في غير مطمع وما أعني بقولنا إنه لك إلا ما تناله على الحد الإلهي الذي أباحه لك وإن نلته على غير ذلك الحد فما نلت ما هو لك من جانب الحق إنما نلت ما هو لك من جانب الطبع وليس المراد في الدنيا إلا ما تناله من جانب الحق فالحق للدنيا والطبع للآخرة والطبع له الإباحة والحق له التحجير وإن كانت الآخرة على صورة الدنيا كما إن اليوم المولود عن نكاح أمس لليلته يخرج بصورته في الزمان وقد لا يخرج في الحكم فانظر إلى عطايا ربك فإنها أكثر ما تكون ابتلاء ولا تعرف ذلك إلا بالميزان وذلك أن كل عطاء يصل إليك منه فهو رزق ربك ولكن على الميزان فإن خرج عن الميزان وهو لك طبعا فلا بد لك من أخذه فإياك أن تأخذه في حال غفلة فخذه بحضور على كره في نفسك وجبر واضطرار وليكن حضورك في ذلك قوله ما يبدل القول لدي فأظهر في هذا النيل بصورة الحق في ذلك الحكم الذي لا تبدل له ولا يصح أن يبدل فإنه هكذا علمه وبهذه الصورة كان الأمر الذي أعطى العلم للحق به ففي هذا الميزان حصله وزنه به وهو ميزان خفي فإن غيبك الحق عن حال الكرة في ذلك فإنه من الإكراه فاعلم إنك محروم فإنه لما كان
(١٢٤)