فداود في ذاته وده * وفي وده الداء من شمسه فأشبه يعقوب في حزنه * وأشبه يوسف في حبسه واعلم أنه لولا الابتلاء لقال من شاء ما شاء فأصل الابتلاء وسببه الدعوى ومن الابتلاء ما يكون في غاية الخفاء مثل قوله تعالى فما أصبرهم على النار ومنه ما يكون في غاية الجلاء مثل قوله ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم ولا يعرف مثل هذا إلا من يعرف الجلي والخفي ولما ذا يرجع وهل ثم خفي لنفسه أو هو خفي بالنسبة فإنا نعلم أن الله لا يخفى عليه شئ في الأرض وهو المعلوم وكل ما في الطبيعة من الأسرار فإن صورها أرض الأرواح ولا في السماء وهو المعلوم وكل ما في الأرواح التي بين الطبيعة والعماء وهي التي تشرق هذه الأرض بأنوارها فاعلم ذلك والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب السادس عشر وخمسمائة في معرفة حال قطب) كان منزله قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره ففروا إلى الله) ليس الإله الذي بالكشف تدركه * هو الإله الذي بالفكر تدريه لكون فكرك لا تعدوه رتبته * وقد يكون ولكن فيه ما فيه الحكم بالفكر في الأشياء مختلف * والحكم بالكشف لا تدري مبانيه يراه في كشفه في كل معتقد * وليس ينكر معنى من معانيه جل الإله فلا عقل يحيط به * وليس يدري سواه فانظروا فيه جل الإله فلا كشف يحيط به * وليس شئ من الأكوان يحويه وهو الذي في جميع الكون تدركه * وليس يدرك إلا من تجليه إذا تدلى لعبد جاء يقصده * أعطاه ما ليس يدري في تدليله من كل خير ومن علم ومعرفة * فمن يعادله أو من يدانيه اعلم أيدنا الله وإياك بروح منه أن الخير في هذا المنظوم يريد به الحكمة وهو الخير الكثير والعلم ما يدركه من التركيب والمعرفة ما يدركه في المفردات هذه آية جاءت إلينا يوم جمعة بعد الصلاة في المقابر بإشبيلية سنة ست وثمانين وخمسمائة فبقيت فيها سكران مالي تلاوة في صلاة ولا يقظة ولا نوم إلا بها ثلاث سنين متوالية أجد لها حلاوة ولذة لا يقدر قدرها وهي من الأذكار المفرقة بين الله وبين الخلق تفريق تمييز فهو تفريق في جمع وفرقان في قرآن فيجمع بهذا الذكر بين القرآن والفرقان فكل من له عليك ولادة من أي نوع وفي أي صورة كان من ظاهر وباطن واسم إلهي وكياني فهو أبوك وكل من لك عليه ولادة من أي نوع كان وفي أي صورة كان من ظاهر وباطن واسم إلهي وكياني فهو ابنك فقد يكون ابنك في هذا الذكر عين أبيك فيكون له عليك ولادة ولك عليه ولادة وهو المقام الذي أشار إليه الحلاج بقوله ولدت أمي أباها * إن ذا من عجوباتي وكل ما قابلك من الأمثال وداخلك من الأشباه ومازجك أو قارب من الأنداد وكان عديلا لك في الوراثة بحيث لو وزنتما في العلم الموروث من الكتاب ما رجح عليك وزنا ولا رجحت عليه فهو أخوك ولكن من الاسم الظاهر فأبوكما واحد ظاهرا لا غير وليس للاسم الباطن هنا حكم فإن الباطن يمنع أن تكونا أخوين لأب واحد وأم واحدة فإن المزاج الواحد لا يجمع اثنين في الكون والتجلي لا يكون عنه اثنان فإن الأمر أوسع من ذلك فكل واحد له واحد من أم وأب فالطبيعة لا تلد توأمين والوالد لا يلقي في كل نكاح ماءين كما لا يكون في العالم لواحد في زمن واحد شأنان وكل من ثناك وجوده وانفعل لك فيما تريده وكنت فيه خلاقا وإليه إذا غاب عنك مشتاقا وجمعتكما الرحمة الواحدة والمودة الثابتة وسكنت إليك وسكن إليك وأعطاك من نفسه التحكم فيه وظهر فيه اقتدارك فهو زوجك
(١٥٦)