وما قالت الجلود إلا أنها منطقة ما تعرضت بالاعتراف إلى ما نطقت به فإن ذلك إذا وقع بالاختيار دون الاضطرار والكرة نسب إلى من وقع منه نسبة صحيحة إنا هديناه السبيل أي بينا له وخلقنا له الإرادة في محله والتعلق نسبة لا تتصف بالوجود فتكون مخلوقة لأحد فتعلقت بأمر ما متعين مما فيه أذى لله ورسوله ومما يسمى به شاكرا أو كفورا فهو تعلق خاص مع كون الناطق غافلا عن استحضار هذه النسب كلها وردها إلى الله بحكم الأصل فإنه لو استحضرها ما نطق بها إذ لا ينطق بها إلا جاهل أو غافل ثم إنه من الحجة البالغة لله في هذا إنه ما وقع في الوجود من ممكن من الممكنات إلا ما سبق بوقوعه العلم الإلهي فلا بد من وقوعه وما علم الله معلوما من المعلومات إلا بما هو عليه ذلك المعلوم في نفسه فإن العلم يتبع المعلوم ما يتبع الوجود الحادث يعني حدوث الوجود يتبع العلم والعلم يتبع المعلوم وهذا المعلوم الممكن في حال عدمه وشيئية ثبوته على هذا الحكم الذي ظهر به في وجوده فما أعطى العلم لله إلا المعلوم فيقول له الحق هذا منك لا مني لو لم يكن في عينك الثبوتية على ما علمتك به ما علمتك فلله الحجة البالغة فلو شاء لكنه لم يشأ ولا تحدث له عز وجل مشيئة لأنه ليس بمحل للحوادث مع أن المشيئة تابعة للعلم فهي تابع التابع فلهذا الأمر الذي قررناه يقول الله إن الذين يؤذون الله ورسوله وقال في الصحيح شتمني ابن آدم ولم يكن ينبغي له ذلك وكذبني ابن آدم ولم يكن ينبغي له ذلك وذكر الحديث فقوله ولم يكن ينبغي له ذلك لما له عليه تعالى من فضل إخراجه من الشر الذي هو العدم إلى الخير الذي بيده تعالى وهو الوجود والله يقول في مكارم الأخلاق هل جزاء الإحسان إلا الإحسان فأحكام الأسماء الحسنى لذاتها وتعيين تلك الأحكام بكذا دون كذا مع جواز كذا لما أعطاه الممكن المعلوم من نفسه فمن هنا نسب الأذى إلى المخلوق واتصف الحق بالصبر على أذى العبد وعرف أهل الاعتناء من المؤمنين بذلك صورة الشاكي بهم ليدفعوا عنه ذلك الأذى فيكون لهم من الله أعظم الجزاء كما قررناه قبل فهذه حضرة عجيبة فقد ذكرنا مائة حضرة كما اشترطنا على إن الحضرات الإلهية تكاد لا تنحصر لأنها نسب وقد ذكر منها أن لله ثلاثمائة خلق هذه التي ذكرنا من تلك الثلاث مائة وكل اسم إلهي فهو حضرة ومن أسمائه ما نعلم ومنها ما لا نعلم ومنها ما نحوز إطلاق ما نعلم عليه ومنها ما لا نجوزه لما يقتضي في العرف من سوء الأدب فسكتنا عنه أدبا مع الله لكن جاء في القرآن من ذلك شئ بطريق التضمن وأسماء الأفعال التي ما بنى منها أسماء كثيرة وجاء أسماء أشياء نسب إليها حكم ما هو لله ولم يتسم الله بها ونسب ذلك الحكم إليها مثل قوله سرابيل تقيكم الحر والواقي إنما هو الله والسربال هنا نائب علق به الذكر في الحكم ونسب الوقاية إليه وليس الواقي إلا الله ولكن ما يطلق على الله اسم السربال بل كل ما يفتقر إليه هو اسم من أسمائه تعالى لأنه قال يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ولما كان الله يحب الوتر لأنه وتر وجئنا بمائة حضرة فجئنا بالشفعية أوترناها بحضرة الحضرات لتكون مائة وواحدة فإن الله وتر يحب الوتر فأوتروا يا أهل القرآن ونحن أهل القرآن فإنه علينا أنزل والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (حضرة الحضرات الجامعة للأسماء الحسنى) قال الله تعالى ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى فاعلم إن أسماء الله منها معارف كالأسماء المعروفة وهي الظواهر ومنها مضمرات مثل كاف الخطاب وتائه تاء المتكلم ويائه وضمير الغائب وضمير التثنية من ذلك وضمير الجمع مثل نحن نزلنا ونون الضمير في الجمع مثل إنا نحن وكلمة أنا وأنت وهو ومنها أسماء تدل عليها الأفعال ولم يبن منها أسماء مثل سخر الله منهم ومثل الله يستهزئ بهم ومنها أسماء النيابة هي لله ولكن نابوا عن الله منابه مثل قولنا سرابيل تقيكم الحر وكل فعل منسوب إلى كون ما من الممكنات إنما ذلك المسمى نائب فيه عن الله لأن الأفعال كلها لله سواء تعلق بذلك الفعل ذم أو حمد فلا حكم لذلك التعلق بالتأثير فيما يعطيه العلم الصحيح فكل ما ينسب إلى المخلوق من الأفعال فهو فيه نائب عن الله فإن وقع محمودا نسب إلى الله لأجل المدح فإن الله يحب أن يمدح كذا ورد في الصحيح عن رسول الله ص وإن تعلق به ذم لم ننسبه إلى الله أو لحق به عيب مثل المحمود قول الخليل فهو يشفيني وقال في المرض إذا مرضت ولم يقل أمرضني وما أمرضه إلا الله فمرض كما أنه شفاه وكذلك فأردت أن أعيبها فكنى العالم العدل الأديب عن نفسه إرادة العيب وقال في المحمود فأراد ربك في حق اليتيمين
(٣١٨)