عنك فرأيت أنك جعلته أن يفعل ما أنكرت عليه فعله وكشف لك عن إنكارك فلا بد لك من الإنكار عليه فعذرك وعذرته فلا تلم وكيلا * ولم موكله * فإنما وجودي * به ونحن له ولا تلمه أيضا * فالعين مجملة * وكلما بدا لي * فالكون فصله يعلم ذا إلهي * على فضله من يطع الرسول فقد أطاع الله لأن الله وكله على عباده فأمر ونهى وتصرف بما أراه الله الذي وكله ونحن وكلناه تعالى عن أمره ونحضيضه فأمره قوله فاتخذه وكيلا وتحضيضه أن لا يتخذوا من دوني وكيلا فالرسول وكيل الوكيل وهو من جملة من وكل الحق عن أمره تعالى فهو منا وهو الوكيل من الوكيل علينا فوجب على الموكل طاعة الوكيل لأنه ما أطاع إلا نفسه فإنه ما تصرف فيه إلا به كما قررناه فرتبة الوكالة رتبة إلهية سرت في الكون سريان الحياة فكما أنه ما في الكون إلا حي فما في الكون إلا وكيل موكل فمن لم يوكل الحق بلفظه وكله الحال منه وتقوم الحجة عليه وإن وكله بلفظه فالحجة أيضا عليه لأن الوكيل ما تصرف في غير ما فوض إلى موكله وجعل له أن يوكل من شاء فوكل الرسل في التبليغ عنه إلى الموكلين إنه من المصالح التي رأينا لكم أن تفعلوا كذا وتنتهوا عن كذا فإن ذلكم لكم فيه السعادة والفوز من العطب فمن تصرف من الموكلين عن أمر وكيل الوكيل فقد سعد ونجا وحاز الخير بكلتا يديه وملأهما خيرا يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم فلا تتهموا وكيلا ولا تتخذوا إلى تجريحه سبيلا وقفوا عند حده وأوفوا له بعهده وهذه حضرة التسليم والتفويض وأنت الجناح المهيض فإنه خلقك على صورته ثم كسرك بما شرع لك فصرت مأمورا منهيا ثم جبرك من هذا الكسر بما سلب عنك بقوله والله خلقكم وما تعملون ثم كسرك بالجزاء لأنه ما عمل معك إلا ما علم وما علم إلا منك وليس المهيض سوى هذا فإنه المكسور بعد جبر والجبر لا يرد إلا على كسر فالأصل عدم الكسر وهو الصحة وليست إلا الصورة فاعلم ما نبهتك عليه واسأل به خبيرا فلا علم إلا عن ذوق لا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها وهذا القدر من هذه الحضرة كاف لمن استعمله والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (القوي حضرة القوة) إذا كان القوي يشد ركني * فلست أبالي من ضعف يكون إذا عسرت على أمور كوني * فمن تيسيره أبدا تهون أنا العبد المطاع بكل وجه * إذا ما شئته وأنا المكين وإني واحد فرد تريه * وإني عنده الروح الأمين أبانت لي مشيئته تعالى * مشائي والتي لي ما تبين هذه الحضرة ممتزجة يدعى صاحبها عبد القوي وصف نفسه تعالى بأنه ذو القوة وهذا فيه إجمال فإنه اسم حميري أي صاحب القوة أي قوة القوة التي فينا ونجدها من نفوسنا كما نجد الضعف وهي قوة مجعولة لأنه قال خلقكم من ضعف وما خلقنا إلا عليه كما سخر لنا ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه فما أنشأ العالم إلا منه وعليه إن فهمت ثم جعل من بعد ضعف قوة لما نقلنا من حال الطفولة إلى حال الشباب ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة رجوعا إلى الأصل فسمي هرما والشيب للشيخوخة فهل هو الضعف الأول الذي خلقنا منه وأين القوة هناك فالمدبر الأول هو المدبر الآخر وهو الأول والآخر والوسط محل الدعوى الواقعة منه في الظاهر والباطن إلا من وفقه الله للنظر في أول نشأته ورجوعه إليها وما وجدنا للقوة ذكرا في الأول ولا في الآخر فرأينا أن ننظر في معنى هذا الضعف الذي خلقنا منه فوجدنا عدم الاستقلال بالإيجاد إن لم تكن منا الإعانة بالقبول لأجل الإمكان فإن المحال غير قابل للتكوين ولما كانت الإعانة بالقبول والاستعداد علمنا إن الاقتدار غير مستبد وليس الضعف هنا سوى عدم هذا الاستبداد فشرع لنا ما هو شرع له أن نستعين به في الاقتدار كما استعان ينافي القبول منا لنعلم أن الضعف ليس إلا هذا
(٢٨١)