وهو يسرى في كل شئ فلا يختص به حال إيقاع وغناء على طريق خاص طبيعي فإن الوزن الطبيعي إنما يؤثر فيما تركب من الطبيعة على مزاج خاص لا يشترط في حركة الطبع الفهم بخلاف حركة النفوس العقلية وإن كان للطبيعة فيها أثر في أصل وجودها ولكن ليست لها في النفوس العاقلة تلك القوة إلا بالفهم فلا يحركه إلا الفهم ألا ترى الكائنات ما ظهرت ولا تكونت إلا بالفهم لا بعدم الفهم لأنها فهمت معنى كن فتكونت ولهذا قال فيكون يعني ذلك الشئ لأنه فهم عند السماع ما أراد بقوله كن فبادر لفهمه دون غير التكوين من الحالات فما سميت هذه الحركة بالوجد إلا لحصول الوجود عندها أعني وجود الحكم سواء كان بعين أو بلا عين فإنه عين في نفسه هذا الكائن ثم إن الحق أعطى هذه الصفة لعباده وجعل نفسه سامعا وأقام نفسه محلا لتكوين ما يطلبه منه العبد في سؤاله سماه إجابة وجعل ذلك بلفظ الأمر كما جعل كن ليريه أن الحقائق لا نفسها تكون أحكامها ما هي بجعل جاعل لمن عقل وعلم الأمور على ما هي عليه فإن العلم بهذا النوع من العلوم المختزنة عن أكثر الناس بل يحرم كشفها لهم من العارف بها لما يؤدي إلى إنكار الحق مع علمهم بأن المعاني توجب أحكامها لمن قامت به عقلا يريدون أن ذلك لذاتها ولهذا تمكن المتكلم بالرد على من يقول بالإرادة الحادثة لا في محل وأما كلام الله من الشجرة لموسى فهو عند بعضهم دليل على أن الكلام ينسب لمن خلقه كما تقول الطائفة الأخرى إن السمع تعلق بالمناسب وهو الخطاب من الشجرة وليس إلا كلام الله كما قال فأجره حتى يسمع كلام الله ومعلوم بما ذا تعلق السمع منه وهؤلاء القائلون بأن المتكلم من قامت به صفة الكلام وأهل الكشف الذين يرون أن الوجود لله بكل صورة جعلوا الشجرة هي صورة المتكلم كما كان الحق لسان العبد وسمعه وبصره بهويته لا بصفته كما يظهر في صورة تنكر وتتحول إلى صورة تعرف وهو هو لا غيره إذ لا غير فما تكلم من الشجرة إلا الحق فالحق صورة شجرة وما سمع من موسى إلا الحق فالحق صورة موسى من حيث هو سامع كما هو الشجرة من حيث هو متكلم والشجرة شجرة وموسى موسى لا حلول لأن الشئ لا يحل في ذاته فإن الحلول يعطي ذاتين وهنا إنما هو حكمان فالحس يشهد ما الأفكار تنكره * والعقل يعلم ما الإحساس يرمى به فانظر إليه ترى في صوره عجبا * وانظر إلى حكمه في حسن ترتيبه تراه عين الذي يراه من كثب * وليس يدريه من يدريه إلا به فانظر إلى هذه النكت الإلهية في هذه المنازلات ما أخصرها وما أعطاها للأمور على ما هي عليه في إيجاز والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب السابع والخمسون وأربعمائة في معرفة منازلة التكليف المطلق) حكم التكاليف بين الله والناس * من عهد والدنا المنعوت بالناسي فالأمر مني له كالأمر منه لنا * فإن دعانا أتيناه على الرأس قال الله تعالى وإذا سألك عبادي عني يقول للرسول أن يقول فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي يعني إذا دعوتهم إلى القيام بما شرعته لهم وكل ذلك شرع فقد أدخل نفسه فيما كلف به عباده وجعل الأمر بأيديهم في ذلك فهو إعلام على الحقيقة بما هو الأمر عليه ما هو بالجعل فإنه يتعالى عن الجعل فيما ينسبه لهويته إلا إذا ظهر بصورة خلق فيقضي ما يعطيه البصران أحكام ما وقعت عليه العين مجعولة وتعطي الحقيقة أن الأمر ما هو كما تدركه العين فلا تزال المنازعة بين القلب والعين في المعارف الإلهية في الخصوص كما تعرفه العامة في العموم في المحبة ولنا في ذلك في التشبيب على ما وقع في العموم يسوق روحي بلا شك إلى التلف * هذا الذي بفؤادي من هوى شرف أقول للقلب قد أورثتني سقما * فقال عينك قادتني إلى التلف لو لم تر العين ما أمسيت حلف * فإن أمت فيه ما للحب من خلف
(٧١)