وما بينهما لجاز لأنه ليس بينهما شئ وذلك لأن عين حال الشروق في ذلك الحيز هو عين استواءها هو عين غروبها فكل حركة واحدة منها في حيز واحد شروق واستواء وغروب فما ثم ما ينبغي أن يقال ما بينهما لكنه قال وما بينهما لغموضه على الحاضرين فإنهم لا يعرفون ما فصلناه في إجمال وما بينهما فجاء بالمشرق والمغرب المعروف في العرف ثم قال لهم إن كنتم تعقلون فأحالهم على النظر العقلي فما عرف الحق إلا بنا ولا وجد الخلق إلا به فمنه إلينا ومنا إليه * فيثني علينا ونثني عليه وكذا ذكر إبراهيم ع الذي ذكر الله عنه أنه آتاه الحجة على قومه وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض فما ذكره إلا بالعالم فالعالم ظاهره خلق وباطنه حق ومن حكم باطنه يتصرف وما يؤثر في باطنه التصرف إلا تصرف في ظاهر من باطن فما تصرف في باطنه الذي هو الحق إلا الحق لا غير فتصريفه حكم عليه بالتصريف فالصورة الظاهرة مماثلة للصورة الباطنة حتى إن بعض المتكلمين ذهب في كتابة القرآن وفي تلاوته المحدثة أن لكل حرف يكتبه الكاتب من القرآن أو يتلوه التالي من القرآن في ذلك الحرف المنطوق به الحادث أو المكتوب حرف مثله هو قديم واضطره إلى ذلك كون الحادث لا يستقل في وجوده فلا بد من استصحاب القديم له وهذا مذهب رئيس من رؤساء المعتزلة ثم إن هذا القديم إن لم يكن على صورة ما خرج عنه وظهر وهو الحادث وإلا فليس هو له ولذلك كان العالم على صورة الحق وكان الإنسان الكامل على صورة العالم وصورة الحق وهو قوله إن الله خلق آدم على صورته فليس في الإمكان أبدع ولا أكمل من هذا العالم إذ لو كان لكان في الإمكان ما هو أكمل من الله فإن آدم وهو من العالم قد خلقه الله على صورته وأكمل من صورة الحق فلا يكون وذلك أن ظهور العالم عن الحق ظهور ذاتي فالحق مرآة للعالم ظهر فيها صور العالم فرأت الممكنات نفسها في مرآة الحق الوجود فتوقفت في الوجود عليه وتوقف في العلم به على العلم بها فلم يكن إلا بها * ولم تكن إلا به * فما لها من مشبه * وما له من مشبه يا غافلا عن قولنا * فكن بها تكن به فإذا كان الأمر كما ذكرناه فمن أنصف نفسه وأعطاها حقها فإنما أنصف الحق وأعطاه حقه لأنه أفرد نفسه بما يستحقه وأفرد ربه بما يستحقه ومن تميز عن شئ فما هو عينه ولا مثله فيما تتميز به عنه لكنه مثله في كونه تميز فافهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل واجعل بالك في كل منظوم في أول كل باب من أبواب هذا الكتاب فإنه يتضمن من علوم ذلك الباب على قدر ما أردت أن أنبه فيه عليها تجد في النظم ما ليس في الكلام في ذلك الباب فتزيد علما بما هو عليه ما ذكرته في النظم وعلى الله قصد السبيل (الباب السادس عشر وأربعمائة في معرفة منازلة عين القلب) عين القلوب من الوجود الناظر * وعليه سادات الطريق تناظر فانظره في تقليبها متقلبا * ومقلبا فهو الوجود الحاضر ما ثم إلا ما يعاين وقته * والماضي والآتي حديث سائر الظرف في الأكوان ليس بكائن * ما ثم ثم وثم حكم قاصر هذا هو الحق الذي ظهرت به * أعياننا وأنا العليم الخابر لو قلت ما هو لم تسعه عقولكم * أين العقول وليس ثم مغاير قال الله تعالى الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله الذي ذكرها به ألا بذكر الله الذي ذكرها به إذا كانت مؤمنة تطمئن القلوب في تقلبها فتسكن إلى التقليب مع الأنفاس وتعلم أن الثبات على حال واحدة لا يصح فإن صورة الحق لا تعطي الضيق ولا اتساع لها ولا مجال إلا في التقليب ولا تقليب للحق إلا في أعيان الممكنات وأعيان الممكنات لا نهاية لها فالتقليب الإلهي فيها لا يتناهى فهو كل يوم في شأن حيث كان فما زال الأمر مذ كان ولا يزال من حال إلى حال فالعين
(٢١)