عرفا وعلما والمعية علما وشرعا لا عرفا أراد أن يرى حكمه في الغاية فإن السجود في العرف بعد عما يجب لله من العلو ألا ترى إلى ابن عطاء حين غاص رجل جمله فقال جل الله فقال الجمل جل الله وما غاص إلا ليطلب ربه فإنه سجود قرية من ذلك العضو إلى الله فلما رأى الجمل جهل ابن عطاء بالله في طلب الرجل ربه بالغوص قال الجمل جل الله إن تحصره معرفتك فلا يكون له في عقدك إلا العلو فمن يحفظ السفل وأنا رجل ما أنا رأس فلا بد أن أطلب ربي بحقيقتي وليس إلا السجود قال رسول الله ص لو دليتم بحبل لهبط على الله وهذا عين ما قال الجمل فمن سجد اقترب من الله ضرورة فيشهده الساجد في علوه ولهذا شرع للعبد أن يقول في سجوده سبحان ربي الأعلى ينزهه عن تلك الصفة فالسجود إذا تحقق به العبد علم نزول الحق من العرش إلى السماء الدنيا وذلك سجود القلب يطلب العبد في نزوله كما يطلبه العبد في سجوده ومن لم يقف في هذا الذكر على الذي نبهت عليه وأمثاله فما هو صاحب هذا الهجير فاعلم ذلك والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب السادس والأربعون وخمسمائة في معرفة حال قطب كان هجيره ومنزله فأعرض عن من تولى عن ذكرنا) ما أجهل المتولي * بمن إليه تولى * فلو رآه رآه * من كان عنه تدلى ولو رآه ابتداء * عين عينه ما تولى * ما ثم عين سواه * فهو الذي قد تولى فمن يذوق عذابا * منه إذا ما تولى * من أعجب القول عندي * نوله ما تولى إذا وليت أمورا * ولا كها فتولى قال الله تعالى نوله ما تولى اعلم أيدنا الله وإياك بروح منه أن التولي عن الذكر المضاف إلى الله ما أطلق الله الإعراض عنه على الانفراد بل ضم إليه قوله ولم يرد إلا الحياة الدنيا فبالمجموع أمر الحق تعالى نبيه ص إذا وقع بالإعراض عنه فينتج للعارف هذا الذكر خلاف المفهوم منه في العموم فإن الله له القرب المفرط من العبد سبحانه وتعالى كما قال ونحن أقرب إليه من حبل الوريد والحياة الدنيا ليس إلا نعيم العبد بربه على غاية القرب الذي يليق بجلاله ولم يكن مراد المذكر بالذكر إلا أن يدعو الغافل عن الله فإذا جاء الذاكر ودعا بالذكر فسمعه هذا المدعو وكان معتنى به فشاهد المذكور عند الذكر في حياته الدنيا أمر الله هذا المذكر أن يعرض عن هذا المذكور لئلا يشغله بالذكر عن شهود مذكوره والنعيم به فقال الحق يخاطبه فأعرض عمن تولى عن ذكرنا لأن الذكر لا يكون إلا مع الغيبة ولم يرد إلا الحياة الدنيا وهي نعيم القرب وهذا من باب الإشارة لمن هو في هذا المقام لا من باب التفسير ثم تمم وقال ذلك مبلغهم من العلم ذم في التفسير ثناء من باب الإشارة على هذا الشخص وتنبيها على رتبته في العلم بالله فأما ما فيه من الثناء عليه أنه في حال شهوده للحق في مقام القرب فلا يقدر لفنائه على القيام بما يطلبه به الذكر من التكليف فكان المذكر ينفخ في غير ضرم لأنه لا يجد قابلا فأمر بالإعراض عنه لما في ذلك الذكر بهذه الحالة من سوء الأدب في الظاهر مع الذكر فلو كان هذا السامع عنده من القوة أن يشهد الحق في كل شئ لشهده في الذكر فلم يكن الحق يأمر المذكر بالإعراض عنه ولا كان يتولى السامع فهذا بعض رتبته في هذه الآية وذلك مبلغه من العلم فإذا أنتج لهذا الذاكر هذا الذكر ما ذكرناه فهو صاحبه وإن فقد هذا الذي ذكرناه وأخذه على طريق الذم فليس هو بصاحب هجير فإن الذم في هذا الذكر هو المفهوم الأول فما زال مما هم عليه عامة الناس في الفهم ولا بد أن يكون لصاحب الهجير خصوص وصف يتميز به وهو ما ذكرناه والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب السابع والأربعون وخمسمائة في معرفة حال قطب كان منزله فأصدع بما تؤمر) اصدع بربك أو بأمر منه تكن * ممن يكلمه الرحمن تكليما سلم إليه الذي جاءت أوامره * به من الحكم في الأعيان تسليما يعطيك نورا يريك العين في عدم * وفي وجود وأحكاما وتحكيما
(١٨٩)